بسم الله الرحمن الرحيم القسم الأول: الوضع الطبيعي إذا اردنا ان نعرض الواقع الطبيعي للعالم فإنه ينبغي أن نعرضه على مستويين. تارة على المستوى النظري، من وجهة نظر الإسلام، وأخرى على المستوى الواقعي الحالي القائم. من وجهة نظر هي اقرب إلى العدالة كما نتصورها. أما على المستوى النظري فإن الإسلام يرى ان الوضع الطبيعي للبشرية إنّما يتم إذا قام نظام عالمي شامل له قانون واحد، وله امام واحد، ويتمتع بخصيصة: امتلاك قوانين منسجمة مع الفطرة الإنسانية، باعتبار ان الفطرة هي الحد المشترك بين الأفراد. والدين ينسجم تمام الانسجام مع هذه الفطرة، وهي سنة الله في خلقه كما في الآية الشريفة(فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)([181])، وهذه الفطرة تقتضي اللجوء إلى الله تعالى، واستمداد الشريعة في أصولها من الله تعالى؛ لأنه أعلم بما يصلح الإنسان، ويحقق العدالة في هذا الاصلاح لانه تعالى الخالق العليم الرحيم؛ فلا حيف ولا ظلم ولا جهل، والرسالة التي تأتي من الله تعالى تعتمد منطق العدل والاحسان. والعدل يقتضي عدم التمييز إلاّ بالصفات التي يكتسبها الفرد، وهذه الصفات هي التقوى(إن أكرمكم عند الله أتقاكم)([182])، والجهاد(وفضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً)([183])، والعلم(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)([184])، كما ان هذه