مكانة الأمة الإسلامية على المستويات الداخلية والدولية، ودرس بجدية واهتمام بالغين التحديات الجديدة والعوامل المعاصرة لتشتت وتناثر العالم الإسلامي. ولعل من بين الأمور التي تواجه العلماء والمفكرين الإسلاميين بل وكافة العالم الإسلامي ؛ طريقة تلبية الإسلام لمتطلبات المجتمع في الظروف المعاصرة وطريقة تعاطي المنطلقات الأساسية للإسلام مع منجزات الإزدهار الحضاري للبشرية وكيفية عرض التعاليم الإسلامية الرائدة في كافة مجالات الحياة الحديثة. الحقيقة هي أن الدين الإسلامي، وفضلاً عن كونه يعرض برامج وصيغ لكافة أبعاد الحياة الفردية والإجتماعية للإنسان، فإنه امتاز بالخلود وصار نبي الإسلام آخر أنبياء الله وظلت أحكام الشريعة تتسم بالثبات والديمومة إلى حد أنها لن تتغير وتتبدل حتى آخر الزمان " حلال محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حرام إلى يوم القيامة " كما أن سعادة الإنسان رهن بعمله واتباعه لهذه التعاليم والأحكام الإلهية. " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ". من جهة أخرى فإن التنامي المطرد والمحير للعلوم والمعارف البشرية والتطورات المدهشة والواسعة أوجدت تحولاً في كافة مجالات حياة الإنسان وأحدثت تغييراً أساسياً في حياته. وبطبيعة الحال فقد انبثقت عن هذه التطورات والتغييرات في المجتمع البشري متطلبات جديدة وواسعة وجعلت الإنسان المسلم يواجه اليوم أسئلة أساسية ومهمة. في هذا السياق؛ ينطرح هذا السؤال: كيف يمكن أن يكون الإنسان مسلماً ومتمسكاً بالأحكام الإسلامية ويستفيد في نفس الوقت من إنجازات الحضارة البشرية ؟ بعبارة أخرى ؛ كيف يمكن المواءمة وإيجاد اللحمة بين "الأصالة" و"المعاصرة". وبين "الثابت" و"المتغير"؟ سؤال شغل بال مفكري العالم الإسلامي الذين قدم كل منهم حلاً له انطلاقاً من مستواه الفكري وخلفيته العلمية ودقته وكذلك ميوله الفكرية والظروف البيئية المحيطة به، وبطبيعة الحال فإن بعضهم مال إلى الإفراط وآخرون وقعوا في هاوية التفريط. بعضهم رأى أن كل محاباة ومرونة في مقابل الحضارة الغربية يعد انحرافاً عن الإسلام، وأن الحداثة والتطور الفكري بدعة تجب مواجهتها، فيما اعتبرت مجموعة أخرى أن الإسلام وأحكامه النورانية أمراً عرفي وتجربة إنسانية وهي لا ترى للأحكام