(رض) لأول مرة في تاريخ الفقه، وتترتب على هذا الكشف آثار كبيرة في تقديم الأدلة بعضها على بعض. إن الاجتهاد عملية صعبة، تتعهد بتطبيق الثابت على المتغير، فإن شريعة الله ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، وظروف الحياة الاجتماعية متغيرة شديدة التغيير، ومهمة الاجتهاد هي تطبيق ثوابت الشريعة على متغيرات الحياة، وهي مهمة شاقة تحتاج إلى جهد متواصل، في تطوير آلية الاجتهاد ليكون قادراً على تحقيق هذه المهمة. الموازنة بين حرية الرأي وانفتاح باب الاجتهاد، وبين الالتزام بالحجة وضوابط الاجتهاد اشتهر فقهاء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بالانفتاح على الآراء المختلفة، وقبول تعددية الرأي في الفقه، ولم ينغلق باب الاجتهاد في هذه المدرسة قط، وقد اثمر هذا الانفتاح ثمرات طيبة في تنامي وتكامل الدراسات الفقهية. وتتميز الدراسات الفقهية في الحوزات العلمية التابعة لهذه المدرسة بإفساح المجال لمناقشة الآراء وحرية ابداء الرأي، والنقاش العلمي يجري على كل الأصعدة بين الطلبة والأساتذة، وبين الطلبة أنفسهم، وبين الفقهاء وأساتذة الدراسات العليا على أعلى مستويات (القمّة). ويتناقل الطلبة أجواء هذا النقاش وقناعاتهم العلمية، ويتمخض هذا النقاش عن تكامل حركة الاجتهاد. يقال أن فقيهين معاصرين هما الفقيه المحدث البحراني (رض) صاحب الموسوعة الفقهية (الحدائق الناضرة) في الفقه والفقيه الأصولي الوحيد البهبهاني صاحب كتاب (الفوائد الحائرية) تلاقيا بعد صلاة العشاء في ساحة الحائر الحسيني بكربلاء؛ فأخذا في نقاش مسألة فقهية حتى آن وقت اغلاق ابواب الروضة، فطلب منهما سادن الروضة أن يخرجا عن ساحة