الاجتهاد – فهي ترتبط بالمجالات الحياتية الموجودة في زمن الفقهاء الأوائل كالشيخ الطوسي والمحقق الحلي. وهذه المجالات قد حصل فيها تغيّر ونموّ كبير مع مرور هذا الزمن الطويل. ويكفي مثالاً على ذلك أن نشاهد التوسع والتشعّب الحاصلين على صعيد العلاقات الاقتصادية بالقياس إلى ما كانت عليه قبل مئات السنين([22]). من هنا يبدو منطقياً الحديث عن ضرورة إجراء تعديل في التبويب الفقهي السائد، بإضافة أبواب جديدة تعكس ما استجد من مجالات الحياة على صعيد الاقتصاد والمال والشؤون الاجتماعية وغير ذلك وكذلك إضافة أبواب تتعلق بشؤون الدولة والمجتمع السياسي التي كان الفقه الشيعي مقصياً عن البحث فيها فيما سبق، كما أسلفنا القول. ولابد أيضاً، في الوقت نفسه، من إلغاء بعض الأبواب التي فقد موضوعها كباب العتق، حيث لم يعد للرق وجود في عالم اليوم. ولا ضير في كل هذه التعديلات، ما دام التبويب ليس أمرا تعبّدياً يجب التقيّد به. وبالنسبة لتقسيمات الفقه الرئيسة المتعلقة بالمعاملات، قد يكون من المناسب استبدالها بتقسيمات جديدة يُستفاد فيها، ما أمكن، من العناوين المستخدمة في القانون الوضعي الحديث. بحيث يكون هناك مثلاً قسم للفقه الدستوري الإسلامي وقسم لفقه العلاقات الدولية وقسم للفقه الجنائي (أو فقه العقوبات)، إلى ما هنالك من أقسام متنوعة([23]). وعلى سبيل المثال، نذكر أحد التغييرات المطلوبة والمترتبة على إعادة النظر في التقسيم الفقهي وهو الحاجة إلى تجميع أبواب النكاح والطلاق والإرث تحت عنوان واحد جديد هو “فقه الأسرة” بدل أن تظل هذه الأبواب موزعة على الأٌقسام الثلاثة التقليدية: حيث النكاح يتعلق بقسم العقود والطلاق بقسم الإيقاعات وباب الإرث بقسم الأحكام. ومن الفوائد الإضافية المترتبة على الاستفادة من التقسيم القانوني الحديث على الصعيد الفقهي، تسهيل إجراء المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي،