تمهيد شهد العالمان العربي والاسلامي خلال القرن العشرين، بل ومنذ أواخر القرن التاسع عشر بروز دعوات مخلصة للنهوض بحياة المسلمين ولإصلاح وتجديد الفكر الإسلامي. وقد جاءت هذه الدعوات ـ بصرف النظر عن مضامينها ـ بفعل عوامل متعددة نذكر في طليعتها حالة اليقظة والوعي لدى بعض علماء الأُمة والنابهين من ابنائها؛ والتي ساهم في إحداثها التغلغل المؤسف لفكر الغرب وقوانينه الوضعية([1]) ـ ولو بالتدريج ـ ضمن حياة المسلمين. وقد وصل تأثير الدعوات المذكورة إلى الحوزات الفقهية الإسلامية ومنها حوزتا النجف الأشرف وقم؛ وإن في وقت متأخر نسبياً.([2]) في هذا السياق انطلق الحديث من قبل العديد من الفقهاء المخلصين عن الحاجة إلى تطوير الدراسات الفقهية تلبية لمتطلبات العصر ولكن شريطة أن لا يمس ذلك الثوابت الدينية الأصلية .. أي بتعبير مختصر: (النزوع إلى المعاصرة مع التمسك بالأصالة). وسنحاول فيما يلي أن نطل إطلالة سريعة على الفكرة التي يتضمنها العنوان، موزّعين الكلام على عدة نقاط. منشأ الحاجة المستمرة إلى الاجتهاد حيث ان الشريعة الإسلامية شاملة لمختلف شؤون الحياة … فإن المسلم المكلف بحكم تبعيته لهذه الشريعة، لابد أن يكون سلوكه العملي في شتى المجالات منسجماً مع أحكامها. ونظراً لكون تحديد الموقف العملي على أساس الشريعة، ليس بالأمر السهل، خصوصاً مع الابتعاد الزمني عن عصر النص كما هو حالنا اليوم… وما يطرحه مثل هذا الابتعاد من اشكالات …