ومثل هذه المسألة، موضوع الهندسة الوراثية. فهو موضوع يصعب تصوره ابتداء من دون شرح المختصين به وبيانهم لفوائده ومضاره ومخاطره. وقد يلزم لفهمه والحكم فيه تشاور كثيف مع مختصين في علوم النبات والأحياء والحيوان، إذ أن الهندسة الوراثية امتدت تطبيقاتها إلى جميع الميادين. وليس هذا مقام التوسع في هذه القضية أو غيرها وإنما سيقت مثالا للقضايا المعاصرة التي هي ثمرة للمخترعات العلمية المعاصرة والتي أوجبت بطبيعتها المركبة، أن يكون النظر فيه بتشاور وحوار بين أهل الاختصاص الفقهي والاختصاص الفني. ولذلك فقد كان تكوين المجامع الفقهية في كثير من البلدان مؤلفا من اختصاصات مختلفة متباينة. وقد رأيت أن أقدم بين يدي مؤتمركم نبذة عن مجمع الفقه الإسلامي في السودان من حيث تكوينه واختصاصاته والمسائل التي عرضت عليه وأردت بذلك عرض نموذج من النماذج التطبيقية للاجتهاد الجماعي المعاصر. مجمع الفقه الإسلامي في السودان الإنشاء: نشأ مجمع الفقه الإسلامي في السودان بقانون أجازه المجلس الوطني في عام 1998م وأصبح بذلك وريثا لمجلس الإفتاء الشرعي الذي كان قائما بهذه الوظيفة في اطار محدود. ولكنه كان أيضاً نمطا من الفتوى الجماعية الصادرة عن مجلس لا عن شخص واحد كما هو الحال في نظام المفتي الذي تعمل به كثير من البلدان وكان معمولا به في السودان. وقد نص قانونه على أنه هيئة مستقلة لها شخصية اعتبارية([3]). وقد عين رئيس هذا المجمع من بين علماء السودان البارزين، وهو بالإضافة إلى رئاسة المجمع يشغل منصب المستشار لرئيس الجمهورية في شؤون التأصيل. وأفاد الجمع بين الوظيفتين