المناسب لهذا التغير والتطور، وخصوصاً في تطبيق القواعد الكلية على مصاديقها، وفي الرجوع إلى الاحكام الثانوية. وفي هذا الصدد قال الشهيد السيد محمد باقر الصدر: (ولا تدل منطقة الفراغ على النقص في الصورة التشريعية، أو اهمال من الشريعة لبعض الوقائع والأحداث، بل تعبر عن استيعاب الصورة، وقدرة الشريعة على مواكبة العصور المختلفة، لان الشريعة لم تترك منطقة الفراغ بالشكل الذي يعني نقصاً أو اهمالاً، وانما حددت للمنطقة أحكامها بمنح كل حادثة صفتها التشريعية الأصيلة مع اعطاء ولي الأمر صلاحية منحها صفة تشريعية ثانوية حسب الظروف).([18]) ويمكن القول: ان هنا لك احكاماً مباشرةً صادرة من الله تعالى وقد أمر بها مبا شرة، وهنالك احكام غير مباشرة بمعنى غير صادرة من الله تعالى، وانما صادرة من ولي الأمر الذي أمر الله بطاعته، وهي لهذا احكام شرعية غير مباشرة، ويمكن القول: ان منطقة الفراغ التشريعي هي منطقة الاحكام غير المباشرة، وهذه تتغير بتغير الزمان وتتغير من مكان لآخر تبعاً للظروف وللمستجدات الطارئة. من هو ولي الأمر؟ المراد باولي الأمر العلماء الذين يفتون في الاحكام الشرعية، يعلمون الناس شؤون دينهم، وهذا التفسير هو الذي نقل عن ابن عباس والحسن ومجاهد والضحاك.([19]) وهم أهل العلم والفقه والاجتهاد على مارجحه جمهور المفسرين.([20]) وقال الراغب الأصفهاني: (ان اولي الأمر الذين بهم يرتدع الناس أربعة: الأنبياء، والولاة والحكماء، والوعظة).([21]) وقال ابن منظور: (أولو الأمر: الرؤساء وأهل العلم).([22]) وقال الزمخشري: (المراد بأولي الأمر منكم: أمراء الحق... وقيل: هم العلماء الدينيون الذين يعلمون الناس الدين ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر).([23])