وإذا تتبعنا القرآن الكريم لوجدنا فيه قواعد كلية أساسية تنطبق على كثير من المصاديق الآنية والمستقبلة، وفيه قوانين وأحكام تفصيلية ثابتة أيضاً في مجال العبادات وسائر التشريعات الاقتصادية والاجتماعية والخلقية والسياسية، وكل ذلك جاء ليبقى كما هو ويمتد بامتداد الزمان والمكان، والقواعد الكلية جاءت لتكون الاطار الذي تنمو في داخله حيوية الشريعة إلى آخر الزمان. وطبيعة الشريعة الإسلامية تحتوي على الامكانيات التى تسع الزمان والمكان وتسع كل تطور يطرأ على الأفكار والعواطف والممارسات الميدانية في مختلف جوانب الحياة وأبعادها. والله تعالى وليس البشر هو واضع الشريعة الإسلامية، فهي من وضع رب الإنسان وخالقه، ومن له احاطة تامة بالعالم كله، وبالناس كلهم، يعلم سكنات النفس وما تخفي الصدور، وهو سبحانه وتعالى أودع الغرائز والحاجات في الإنسان، ولذلك فهو أعلم بكيفية اشباعها وبكيفية تنظيمها، وبكيفية وضع التشريعات الكاملة المتكاملة التي تواكب التطور والتبدل الحادث في كل زمان ومكان، فلا نقص ولا خلل في الشريعة لأنها من وضع مطلق الكمال والتمام. دلالة الاحاديث الشريفة على كمال الشريعة قال الامام الباقر (عليه السلام): (ان الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأُمة إلا انزله في كتابه وبينه لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل لكل شيء حداً وجعل عليه دليلاً يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حداً).([9]) وقال الامام جعفر الصادق (عليه السلام): (ان الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء، حتى والله ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل في القرآن إلا وقد انزله الله فيه).([10]) وقال أيضاً: (ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل، ولكن لا تبلغه عقول الرجال).([11]) وعن سماعة: عن الامام موسى الكاظم (عليه السلام) قال: قلت له: اكلّ شيء في كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ أو تقولون فيه؟