2 – نفي العسر والحرج، قال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج). وهذه القاعدة القرآنية تعطي ضابطا كليا لجميع التكاليف الشرعية، وان الله لايشرع حكما فيه حرج ومشقة وضيق على المكلف. اذن هناك ملاكات عامة وكلية تكون ملحوظة من قبل الشريعة، وهذا ما يكون شاهدا ومؤيدا على استناد الشريعة إلى مرتكزات عامة تنطلق منها في امتداداتها وتشريعاتها الفرعية الكثيرة.. ونحن نرى الفقهاء في بعض الموارد يؤيدون استدلالاتهم ويدعمونها بمذاق الشارع، والمراد بمذاق الشارع هو ذلك الارتكاز الذي ينخلق تدريجا لدى الفقيه من خلال ممارسة الشريعة بالاتجاه العام لها في مجال من المجالات. لذا فلا وجه للتشكيك في اصل وجود اتجاهات عامة للتشريع في الجملة، إنّما الكلام في كيفية الوصول إليها وكيفية اكتشافها، وهل هذا الانكشاف يصل إلى حد اليقين أو الظن وماهو مقدار حجيته. التأمل الثاني – قد ينطلق بعض الاستصحابيين في رفضه وعدم قبوله هذا المنهج من شبهة الحداثة والعصرنة وتوهم عدم اصالة هذا النمط من التفكير وانه منهج دخيل على الفقه واصول الشريعة؛ فمن يتخذ هذا السبيل لاضمان لصحة ما ينتهي إليه من نتائج. فهو لاينجو من الوقوع في محذور المخالفة الدينية وتقليد الأفكار المستوردة ومحاكاة ما ابتدعه الوضعيون من قوانين ونظريات عامة لتنظيم الحياة انطلاقا من توجهاتهم المادية وتصوراتهم الخاصة، والنظر إلى الأمور دائما بعين واحدة. والا فلا عين ولا اثر لذلك فيما بين ايدينا من كتب ومصنفات علماء الإسلام بشتى مذاهبهم وبمختلف اتجاهاتهم. والجواب: ان المعيار في الحكم على أمر بكونه اصيلا اولا هو صحة الاسناد والنسبة إلى الشريعة فبعد قيام الدليل المحكم على قضية من القضايا يصح وصفها بالاصالة وكونها منتمية إلى الشريعة، ولا عيب في اسنادها ونسبتها إلى الدين الحنيف حينئذ. فليست الأصالة مساوقة للقدم ولا الحداثة تساوق الابتداع، فكم من بدعة قديمة عاشت بين الناس دهورا