والذين يلقون الكلام بغير حساب ان ذلك لايعدو ان يكون تحليلا صرفا لاطائل تحته. لذا ينبغي فهرسة الثمرات العملية وتشريح الانعكاسات الواقعية والآثار الناشئة من تلك النظريات وعلى اصعدة شتى، فان لفقه النظريات العامة بركات كثيرة وفوائد جمة، وسنبوب بعض هذه الثمرات حسب الابعاد المتوقعة لفقه النظرية. 1 – الفكر والثقافة تشكل النظرية العامة رقما صعبا في المعادلة الثقافية والفكرية، وتوفر امامنا فرصا ذهبية للامتداد والزحف نحو اقتحام وفتح الساحة الثقافية المناوئة وتقصر المسافات للوصول إلى الاهداف الرسالية وتقرب البعيد؛ حيث يتم بواسطة الصياغات العامة ضغط الكم الهائل من الاحكام الممتدة افقيا – والتي يتعذر عادة الاحاطة بها تصورا من قبل الملأ العام فضلا عن القناعة بها – ضمن قوالب ناجزة وقواعد معدودة يسهل دركها ولايصعب تصديقها، ففرق كبير بين الخطاب المنفوش والبيانات الموزعة وبين الخطاب المركز والحاوي لعصارات المنهج الإسلامي وخلاصات البرنامج الحضاري المتبنى. ولاريب في رجحان الأسلوب الثاني باعتباره يخلق في الاذهان وضوحا وانكشافا، ويرفع النفوس إلى مستوى الشهود الرسالي. ونحن وان استطعنا ان نزرع في الساحة الثقافية جوا من الوضوح في الاطار العقائدي أو في الاطار الاخلاقي أو المعنوي إلا ان ذلك وحده غير كاف؛ فانه يدفع الجمهور إلى نصف الطريق حيث يمدهم برؤية كونية ويعرفهم هويتهم الوجودية ويقف عند هذا الحد، ولا يعرفهم هويتهم الحضارية؛ مما يجعل الحاجة إلى مكمل لهذه الرؤية أكثر الحاحا.. وهذا المتمم للوعي يتمثل بتحصيل الرؤية الحياتية ووعي الموقف، وان فقه النظرية بتأمين ذلك لجدير، فمن خلاله يمكن تقديم صورة متجانسة