آلية الاستنباط في فقه النظرية قد يتبادر إلى بعض الاذهان ان الحديث عن النظريات العامة حديث شيق إلا انه بعيد عن الدائرة العلمية والفقهية باعتباره لايتعدى عالم الحدس والاحتمال. وهذا الكلام مردود من عدة جهات: اولا – ان الاحتمال العلمي له قيمة علمية، فنحن نلمس ذلك بشكل واضح في كل العلوم، ففي اطار البحث الفقهي نرى اهتمام الفقهاء بالاحتمالات والوجوه لما تمثله من بعد استدلالي. وكثيرا ما نرى بعض محاولات تقوية بعض الاحتمالات وتبدلها إلى دليل. ثانيا – ان عملية اكتشاف النظرية وان كان نقطة الانطلاق فيه هي الاحتمال لكن لابد من مراجعة الأدلة وضرب بعضها ببعض كي يتحدد الموقف تجاه تلك الاحتمالات التي اما ان تتضاءل قيمتها وتطرد من دائرة البحث واما ان تقوى وتنمو وتصل إلى مستوى معرفي وتصديقي أقوى. ثالثا – من الواضح ان شريعتنا تشتمل على بعض المسلمات والادلة الثابت حجيتها فليس امام الفقيه ركام من الاحتمالات دائما، بل ربما يلتقي في بعض المجالات بمجموعة غنية من الأدلة المعتبرة شرعا. ومهما يكن من أمر فانه لابد من بيان المنهج الذي يتبع في عملية استنباط النظرية العامة، فان المنهج يتركب من خطوتين: الخطوة الأولى – تجميع الاحكام والادلة المتناثرة والتي يحدس دخالتها في عملية اكتشاف النظرية جمعا علميا: 1 – ففي مجال اكتشاف النظرية الاقتصادية لابد من تجميع الاحكام الفرعية والادلة المرتبطة بمسألة ملكية الموارد الطبيعية الاولية كالحيازة، وأيضاً ما يرتبط بمسألة ملكية نتيجة النشاط الاقتصادي كالربا الناتج عن عملية الاقراض.