3ـ وما كان من انفتاح النظر على القواعد العامة في الفقه الإسلامي حمل بعض الباحثين على الجمع بين دلالة القاعدة ودلالة (النظرية) توسعاً منه في معنى النظريات. وممن مال إلى هذا، د. محمد كمال الدين إمام حين يقول: الفقه الإسلامي ليس مجرد فروع وجزئيات، ولكنه نسق متكامل من الأُصول والفروع، تقوم فيه القواعد الفقهية بدور (النظريات العامة)، وتستطيع مصادره الأصلية والفرعية والاحتياطية أن تلبي حاجات الناس ومطالب المجتمعات، وتستوعب في ذلك حدود الزمان والمكان. ([25]) وهذا الاستعمال الذي افتتح به المؤلف كتابه نظرية الفقه في الإسلام جعله يفترض كبرى القواعد الفقهية (النظريات). ويعد من ذلك نظرية الضرر، ونظرية الضرورة، ونظرية الحق، ونظرية العقد. ويشهد لطريقته في تعريفه للنظرية قوله: نظرية الضرر تقوم على جملة من القواعد مثل (لا ضرر ولا ضرار)، و(الضرر يُدفع قدر الإمكان)، و(الضرر لا يزال بمثله)، و(يتحمل الضرر الخاص لرفع ضرر عام)، و(الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف)، و(عند تعارض مفسدتين روعي أعظمهما ضرراً بتحمل احدهما)، و(اختيار اهون الشرين)، و(درء المفاسد مقدم على جلب المنافع)، و(القديم يترك على قدمه)، و(الضرر لا يكون قديماً). ([26]) 4ـ وهذا المعنى هو الذي تعقبه فقهاء الشريعة، مثل، د. احمد بن حميد في تحقيقه لقواعد المقري([27])ود. الندوي([28]) ود. محمد بن عبدالله بن عابد الصوّاط([29]). يقول هذا الأخير : ومن هؤلاء من تطرّق إلى تعريف النظرية بضبط موضوعاتها. قال د. الندوي: هي موضوعات فقهية، أو موضوع يشتمل على مسائل فقهية، أو موضوع يشتمل على مسائل فقهية تجمعها وحدة موضوعية تحكم هذه العناصر جميعها.