انه ليشرفني ان ارفع عقيرتي في رحاب هذه المؤسسة الإسلامية الدعوية العتيدة لأحيّيها من قريب، واحيي القائمين فيها من علماء راسخين متمكنين، وشباب يقظ يتقد حزما وعزما في هذه الديار. نرجو لهم ولنا الهداية والتوفيق، تبارك الله رب العالمين وباركهم وباركنا انه هو الرحمن الرحيم. ما من شك في أن الثروة العظيمة التي تكونت لدينا عبر العصور وتميز بها الفقه الإسلامي على ما دونه من قوانين، كان أساسها ذلك الاجتهاد العلمي الدقيق، الذي لمسنا آثاره عند الأئمة وكبار فقهاء المذاهب، في المصطلحات يحدّدونها وافتراض الحوادث قبل وقوعها، يقررون أحكامها ويبحثون عن وجوه حلّها وفي صياغة النظريات الفقهية والقواعد الكلّية يتدبرون حقائقها ويفصّلون القول في أجزائها ويذكّرون بما ينبغي أن يتوافر في بعضها من شروط. كل ذلك مع تداول النظر والتحوير والتحرير والصقل والضبط. وقد اختلفت هذه الشريعة عن الشرائع الأخرى بما ورد بها من صفة التصديق لما قبلها والهيمنة عليه، كما اختلفت عن القوانين الوضعية التي جاءت تنازعها أمرها، وأنّى لها ذلك! والإسلام هو الذي ضبط لنا الدين عقيدة وأحكاماً ووضع الناس أُصول الأخلاق ومناهج السلوك، توجيهاً لمعتنقيه وحماية لهم من أسباب التفرق والخصومة والعداوة. وكفى العالمين أن يجدوا له تأثيراً، ونحوه انجذاباً. والشريعة وحي الله يبني لهم بها الحياة، ويهديهم إلى الرشد، وإلى صراط مستقيم. وهي الصادرة عن الخلاق العظيم الرحمن الرحيم الخبير العليم. دينه الصدق، وشريعته الحق، يهديان إلى البر والتقوى، ويدعوان إلى الهدى والعدل.