فالمؤلف يصوغ جملة ما والسامع يخوض في أعماق تركيبتها (بواسطة اللغة). والتفسير عبارة عن نشاط نحوي ذي علاقة باللغة ونشاط نفسي مرتبط بالنمط الفكري للقائل. فماخر متأثر بأقوال المفكرين الرومانسيين الذين كانوا يعتقدون بان الحالات الخاصة للفكر هي انعكاس لروح ثقافية أوسع: فالتفسير الصحيح يحتاج لفهم النسيج الثقافي التاريخي للمؤلف وذهنيته الخاصة؛ وهذا المعنى يستلزم نوعا من الحدس بحيث يستطيع المفسر ان يتمثل وعي المؤلف لمدركاته هو. وقد يستطيع المفسر ان يصل إلى فهم أفضل مما توصل إليه المؤلف. انه يقول ان التساؤل عن معنى النص يطرح بأسلوبين. احدهما: ماذا يقصد المؤلف؟ وهكذا يكتشف من النص، الأفكار وحتى انه يكتشف من ملاحظة روح العصر آنذاك. والثاني: ماذا يعني بالنسبة للمخاطب؟ فإذا كان المخاطب معاصرا، فانه يبدأ بتحليل النص لفظا لأنه يشارك القائل في روح واحدة. اما إذا لم يكن معاصرا فان عليه ان يعيد تركيب فكر المؤلف ورغم اختلاف ثقافتيهما فان هناك شبها معنويا بينهما، فإذا استطاع المخاطب ان يكتسب معرفة كافية عن القائل، فانه يمكنه ان يمارس من جديد تجربته الفكرية. اما ديلتاي 1883 – 1911م فقد سعى إلى جعل نتائج العلوم الإنسانية شبيهة بنتائج العلوم الطبيعية عبر أعطائها أسلوبا رصيناً. حيث اعتبره أصلاً أسلوبا معرفيا للعلوم الإنسانية. ولكنه بسبب النمو السريع للعلوم الإنسانية وابتكار أساليب خاصة لكل علم، لم يوفق لطرح الهرمنوطيقيا وفق تصوره من جديد في قبال التيارات الفكرية الأخرى وهي من قبيل: