الثقافية، وغاية التجديد إحياء التواصل بين الفكر والمجتمع، وتمتين الصلة بين الإنسان وثقافته الأصلية التي تمثل امتداده الإنساني... ولايمكن للأصالة أن تجسد قصور العقل عند أداء دوره في إغناء المعرفة الإنسانية، فالأصالة لا تعني القصور والجمود، ولو كانت كذلك لكانت أصالة مذمومة وضارة، تعبر عن حالة نفسية مرضية، ومجتمعنا يعتز بأصالته وبموروثه الثقافي الذي بناه الأجداد بجهدهم واجتهادهم، والأمة التي تتنكر لموروثها القديم وتتجاهله سرعان ما تجد نفسها في موقع التبعية للغير باحثة عن ذاتها من خلال ثقافات غريبة عنها، مناقضة في مفاهيمها لقيم الثقافة الوطنية الأصلية التي تجمع الأمة في الأزمات، وتعيد إليها ابتسامة الأمل في اللحظات العصيبة. ونريد اليوم أن نتجاوز هذه الثنائية التقليدية في التصنيف المعتاد، القديم والجديد، والأصالة والمعاصرة، إلى طرح مفهوم جديد لا يعتمد هذه الثنائية، وإنّما يطرح فكرة النهضة وضرورة النهوض الحضاري عن طريق تشجيع المناهج العقلية في مجال التفكير العلمي لمطاردة الجمود والتغلب على التخلف وتنمية القيم الروحية في السلوك الإنساني للتخفيض من طغيان القوة المؤدية إلى المظالم الاجتماعية. والغاية المرجوة من ذلك تحقيق الذاتية المستقلة للشخصية الإسلامية التي تعتبر أداة النهضة الحقيقية التي تبتدئ بتكوين الإنسان واحترام حقوقه الإنسانية وتوفير الحرية له لكي يشعر بتلك الذاتية المحصنة من الداخل بمشاعر الكرامة، والمتطلعة في حركتها الخارجية إلى تحقيق أسباب النهوض الحضاري.. إن النهضة المرجوة لن تتحقق في مجتمعنا من خلال القوانين والأنظمة والمناهج التربوية والثقافية قبل أن تتحقق في كياننا الذاتي كإرادة وعزم واختيار. فالمواطن عندما يشعر بكرامته يطالب بحريته لأنها امتداد لتلك الكرامة، وعندما يحصل على حريته يحافظ عليها ويستخدمها كاداة للإقلاع الحضاري، وعندئذ يحدث التغيير