وانّي مع احترامى لرأي القائلين باستحالة الاجتهاد، أخالفهم في رأيهم، وأقول: إنّ في علماء المعاهد الدينية في مصر من توافرت فيهم شروط الاجتهاد ويحرم عليهم التقليد.(36) ووجّه السؤال التالي: في ظل تطور الفقه التشريعي الحديث، لماذا الاجتهاد؟ وما هي ضرورته؟ إلى جمع من العلماء والمفكرين والباحثين فأجابوا بما ينسجم مع روح الشريعة. الدكتور مصطفي البغا: الحقيقة أنّه كلما كثر التطور كانت الحاجة إلى الاجتهاد أكثر الحاحاً، فالتطور يعني ظهور مستجدات كثيرة في الحياة، وهذه المستجدات لابد من معرفة الحكم الشرعى فيها… فالتطور يجعل الحاجة إلى الاجتهاد ملحة أكثر من أجل إعطاء هذه المستجدات حكماً شرعياً، وذلك لا يكون إلا عن طريق الاجتهاد، لانعدام النصوص في هذه المستجدات، وبذلك ينحصر معرفة حكم هذه المستجدات بطريق الاجتهاد.(37) الدكتور وهبة الزحيلي: الاجتهاد أمر لابدّ منه من أجل مواكبة تطورات الحياة، ومعرفة حكم المسائل المتجددة، وكل تشريع في العالم لا يخلو من هذا، فالقوانين والأنظمة تحتاج دائماً وأبداً إلى نوع من تخطية الحوادث الجديدة، فمثلاً نلاحظ على القوانين الوضعية إلغاء قانون سابق ووضع قانون جديد محلّه، أمّا في الشريعةالاسلامية فلا يمكن إلغاء شي ء منها لأنّها شريعة من عند الله سبحانه جل جلاله، فإذاً يكون الاجتهاد في ضوء النصوص التشريعية وفي ضوء المبادي العامة وفى ضوء روح التشريع، وهذا إذا يحقق مرونة هذه الشريعة وتلبيتها لحاجات الناس وموافقتها لما يحقق مصالح الناس في الزمان وفى المكان.(38) ودعا الشيخ محمد مهدى الاصفى إلى اعادة النظر بجدية في مسألة سدّ باب الاجتهاد فقال: نحن نطلب إلى فقهاء المسلمين أن يعيدوا النظر بجدّية في مسألة سدّ باب الاجتهاد، ودفعها من جديد إلى الدراسة الجادة في المعاهد والمدارس الفقهية، كما نطلب منهم أن يستعينوا بالخبرة والعمق والدقة التي اكتسبتها حركة الاجتهاد في