الأولون كأنّهم معصومون، وأصبح الفقيه لا يستطيع الحكم في مسألة إلا إذا كانت مسألة جزئية تطبيقاً على قاعدة كلية، قاله أمامه من قبله.(30) ويقول أيضاً: وعدّ من ينتقل من مذهب إلى مذهب مرتكباً لجريمة؛ ومن يري رأياً غير رأى امامه خارجاً على المألوف، حتي طلب اخيراً مرّة من العلماء ان يتخيروا مذهباً من المذاهب المختلفة للقضاء فرفضوا، فكانت النتيجة اللجوء إلى القانون الفرنسي. ويصف عز الدين عبد السلام الوضع قائلاً: ومن العجب العجيب أنّ الفقهاء المقلّدين يقف أحدهم على ضعف ما أخذ امامه، بحيث لا يجد لضعفه مدفعاً وهو مع ذلك يقلد فيه ويترك من شهد له الكتاب والسنّة والأقيسة الصحية لمذهبهم؛ جموداً على تقليد إمامه، بل يتحايل لدفع ظواهر الكتاب والسنّة ويتأولها بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالاً عن مقلّده.(31) الدعوة لفتح باب الاجتهاد الاجتهاد حركة في المنهج الاسلامى تنسجم مع واقعيته المتطورة بتطور العقل البشرى وتطور الحركة الانسانية والتاريخية في تطلعاتها ووسائلها وأساليبها في بناء العقل والفكر والعاطفة والسلوك. والاجتهاد يواكب التطور والتجديد في حياة المسلمين خصوصاً وكافة بنى الإنسان؛ ليجعل الآراء والنصوص تتحرك في الواقع ولتترجم في مشاعر وعواطف وأعمال وممارسات وعلاقات متجسدة في الواقع ؛ لكى يكون الإنسان والمجتمع بمستوي المسؤولية المناطة به في الحياة والمتمثلة بحمل الأمانة وخلافة الله تعالي في الأرض، والترقى في سلم الكمال والسمو الروحى والسلوكي. والدعوة لفتح باب الاجتهاد كانت قائمة منذ انحسار وضعف حركة الاجتهاد؛ حيث انطلقت من تشخيص الفقهاء والعلماء لأهمية الاجتهاد ودوره في التجديد بما ينسجم مع تطور الانسانية على ضوء الثابت والمتغيّر في الشريعة الإسلامية.