التمسك بسلوك السلف الصالح 2- وقد يراد من الأصالة السلوك الاجتماعي والديني الذي كان عليه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والتابعين لهم باحسان أو غيرهم من الصالحين ممن نطلق عليهم عنوان (السلف الصالح) لإفتراض ان هذا السلوك كان قد صاغته الرسالة الإسلامية أو الرسول، أو للاعتقاد بالتزامهم في سلوكهم بالصياغات الرسالية، وفي مقابل ذلك تأتي فكرة الحداثة والمعاصرة وهي التخلي عن قيود هذا السلوك الذي لم يثبت بصورة واضحة لزومه في الشريعة الإلهية ولعدم ملائمته للظروف المعاصرة. ولكن هذه الأصالة لا يوجد أي دليل علي أصالتها بحد ذاتها لأنه لا يوجد بين المسلمين من يوسع دائرة السنة الشريفة والشريعة الإسلامية لسلوك الصحابة أو غيرهم من التابعين والصالحين باستثناء ما تذهب إليه الامامية الاثنا عشرية من تعميم السنة إلى هذه السيرة في حدود دائرة الأئمة الاثني عشر. نعم، قد يكون هذا السلوك السلفي كاشفا بطريقة ما عن الحكم الشرعي كما يكشف الاجماع عنه، وقد يعبر عن ذلك بمصطلحات علم الأُصول في الفقه الامامي بـ(سيرة المتشرعة) التي يستدل بها أحياناً على الحكم الشرعي، ولكن هذا الكشف ليس قضية مرتبطة بالأصالة، بل بطرق الاثبات التي تخضع للنقد في علم الأُصول، بل الأصالة والثابت هو الشريعة والرسالة، وان الصالحين بصورة عامة هم في معرض الخطأ وإن كان سلوكهم قد يكشف بصورة احتمالية عن الشريعة، وقد يرتقي هذا الاحتمال ويتراكم حتى يصل إلى درجة الوثوق أو القطع واليقين، كما هو الحال – ولكن بدرجة أفضل – في خير الواحد غير المعتبر الذي قد يتراكم الاحتمال فيه عند التعدد فيصل إلى درجة القطع والوثوق في حالات التواتر والتظافر، كما ان الفعل لا يدل على أكثر من الجواز حتى في سلوك المعصوم فكيف بسلوك غيره، ومن الممكن بسهولة التكيف مع المعاصرة في منطقة الجواز ومساحته.