والمسلمون تواجههم في عودة الشريعة والرسالة إلى حياتهم عدة قضايا مهمة ومصيرية، لعل من أهمها كيفية التوفيق بين الثوابت والأصالة الرسالية، والتطورات الإنسانية الاجتماعية الحديثة بأبعادها المختلفة والتي شهد القرن العشرين قفزة كبيرة فيها على مختلف المستويات. وهذا الموضوع يفتح أمامنا آفاقاً عديدة من الحديث تناول الفهرست العام لمؤتمرنا مجموعة منها، وأحاول بهذه العجالة أن أتناول هذا الموضوع في اطاره العام من خلال فهمي للرؤية الرسالية والشرعية. تحديد مفهومي الأصالة والحداثة وفي البداية لابد من تحديد مفهوم الأصالة والحداثة، لفهم كيفية مواكبة الأصالة للحداثة والتوفيق بينهما ولئلا نقع في متاهات الاختلاف في مداليل الألفاظ. التمسك بالموروث الاجتماعي 1ـ فقد يراد من الأصالة في مقابل الحداثة: (التمسك بالموروث الاجتماعي للمسلمين من التقاليد والآداب والسنن)، و لاشك ان الدين كان جزءاً من هذا الموروث أيضاً. ولكن الحديث في مثل هذا الاتجاه ليس هو موضوع البحث كما أفهمه، وإن كان هناك مجال واسع للبحث في هذا الموضوع أيضاً، فان التمسك بالموروث لمجرد انه إرث لا يعبّر عن قيمة عقائدية أو حضارية أو أخلاقية في نظر الإسلام، بل تعرّض الأقوام السابقون الذين كانوا يتمسكون بالموروث من هذا المنطلق إلى مؤاخذة شديدة في الرسالات الإلهية ومنها الرسالة الخاتمة كما يؤكد ذلك القرآن الكريم. ولكن هذا الموروث إذا كان عقيدة إلهية تستند إلى البراهين والبشائر والأدلة فهي شيء مقدس لخلفيته العقائدية والقيمية، لا لمجرد أنه موروث اجتماعي ولابد أن يتناوله النقد على أساس خلفيته العقائدية.