أما بعد، فهذا عرض سريع للسنة عند الإمامية والتفصيل فيها يتطلب مجالا واسعا جدا. 3- الإجماع: وقد كان الإجماع بشروط أحد مصادر الفقه عند الجمهور مستندا إلى حديث (لا تجتمع أمتي على خطأ) وإلى أدلة أخرى لم يثبت شيء منها عند الإمامية كدليل مقنع إلا أنهم اصطلحوا في القرن الرابع. على عد الإجماع من مصادر الفقه بمعنى آخر غير ماعند الجمهور، فالإجماع عند الجمهور عبارة عن اجتماع الأئمة أو فقهاء الأمة على حكم في عصر من العصور، أما الإمامية فلا يعتبرون الإجماع بنفسه دليلا إلا إذا بلغ مبلغ القطعيات والضروريات مثل أن صلاة الصبح ركعتان وكل من صلاتي الظهر والعصر أربع ركعات وهكذا، فهذا خارج عن الإجماع، ولا يحتاج الفقيه في مثله إلى إقامة الحجة عليه. وإنّما الإجماع عندهم هو اجتماع جماعة يكون الإمام أحدهم على حكم من الأحكام. فمآل إجماعهم إلى السنة وليس دليلا برأسه، ولهم أبحاث كثيرة في أقسام الإجماع من المحصل والمنقول وفي كيفية كشفه عن قول الإمام المعصوم. وإن الإمامية حسب قاعدتهم في اعتبار الإجماع قد نصّوا على أنه لو اتفق اثنان أحدهم الإمام على حكم، واتفق جماعة غيرهما على مايخالفه، فالعبرة بالأول دون الثاني. وقد تمسكوا بالإجماع على حكم وعلى ضده من قبل فقيهين، بل من قبل فقيه واحد في كتابيه، ومن أجل ذلك لا يعد الإجماع عندهم إلا مؤيدا لغيره من الأدلة، إلا في قليل من المسائل. وقد ألحقوا بالإجماع (الشهرة) فبعضهم يفتي بماهو المشهور عند فقهاء الإمامية ولا يتعداه. وقد بحثوا في علم الأُصول حول (الشهرة) وما أريد بها، هل هي شهرة فتوائية أو شهرة روائية، وكان أستاذنا البروجردي له رأي خاص في الشهرة، فكان يعتبر شهرة حكم من الأحكام عند أصحاب الأئمة العارفين بأحكامهم هي الحجة، ومن هنا كان رضي الله عنه يهتم بجمع الفتاوي المشهورة بين الإمامية في عصر الأئمة