بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد: أيها الحفل الكريم: إنه لمن دواعي السرور والشكر عندي الاشتراك في هذه الندوة المباركة التي جمعت في أحضانها نخبة من العلماء والباحثين من الأقطار الإسلامية، للبحث عن أهم المواضيع الإسلامية وهو (الاجتهاد في الإسلام). وإني إذ أحييكم بأطيب التحيات أقدم إليكم بحثا متواضعا بعنوان: (الاجتهاد عند الشيعة الإمامية مصادره وضوابطه). وقبل الخوض في صميم الموضوع أشير موجزا إلى شيء من التحولات التي مرّت على فقه الإمامية تمهيدا للحبث: تمهيد مادة الفقه بحسب اللغة تحتوي في ذاتها فهم الأمور الخفية وكشف الخبايا أو كما قيل: (معرفة الباطن من الظاهر) وأطلقت أولا بشكل عام على الرسوخ في علم الدين وفهمه عميقا، انطلاقا من قوله تعالى: (وماكان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (التوبة/ 122). والتفقه بصيغة التفعل يؤكد عمقا في الفهم ثم شاع استعماله في وقت لا يعرف بالضبط، ولعله في عصر الصحابة والتابعين على استنباط الأحكام خاصة، فكان يقال للمختصين بمعرفة الأحكام عن بصيرة وفقه: (الفقهاء) وقد اشتهرت طائفة قليلة من الصحابة، وطائفة أكثر من التابعين بوصف الفقهاء.