بسم الله الرحمن الرحيم 1) التمهيد إن التغيّرات الهائلة، والتطورات الفائقة، التي يشهدها عالمنا اليوم، تفرض على الأمة الإسلامية سياقا كبيرا من التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، ليس لها فيها من خيار إلا تأكيد جدارتها وقدرتها على الفعل والانجاز ومسابقة الأمم على المواقع الأمامية. هذا قدرها، إن أرادت إثبات وجودها، وأن يكون لها موضع جدير بإمكانياتها العظيمة، في عالم تكبر فيه، التكتـّلات والتحالفات، يوما بعد يوم، ويسود فيه منطق توسع المصالح على حساب الحدود المحلية الضيقة اقتصاديا وثقافيا. وليس لنا من سبيل إلى إدراك غاياتنا في الوحدة والقوة، وتجاوز حالة التشتت الراهنة، إلا بتجديد الأوضاع، وتحديث البنى الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. وذلك مشروط بإطلاق الفكر الحر القادر على الانتاج والاجتهاد والتوليد، وبالاستثمار الجيّد في قطاعات البحث المعرفي العلمي، وإزاحة كل ما يثبّط جهد الابتكار والإبداع. إنه لا يسعنا أن نتجاهل أننا نعيش على تخوم حضارات وثقافات مختلفة المشارب، مغايرة لنا في المنطلقات، مفارقة لنا في الأهداف والغايات. وإن شهودنا الحضاري هو الذي يحدد موقعنا داخل هذه الخارطة العالمية، أفولا أو بروزا، قوة أو ضعفا. وليس بـإمكان أية حضارة ما، أن تنغلق على نفسها، أو أن تنفي غيرها، وإلا فقدت شروط تجددها وحيويتها، بفقدان مايلزمها من اللواقح المخصبة.