(99) وقد ترك الإمام زين العابدين رسالة رائعة هي «رسالة الحقوق» والتي تتضمّن بياناً لأنواع الحقوق وما يترتّب عليها. والفرصة التاريخية نفسها فسحت المجال للإمام الصادق بأن يبني جامعة إسلامية في تاريخ الإسلام، كان تلامذتها كبار محدّثي وفقهاء وعلماء الأُمّة، من مختلف البلدان، كالعراق والحجاز وفارس وبلاد الشام، وقد تمكّن تلامذة الإمامين محمّد الباقر وجعفر الصادق من تصنيف وتأليف كم كبير من الرسائل والبحوث والكتب، ومنهم أبان بن تغلب روى 30000 حديث عن الإمام الصادق، وأبو حمزة الثمالي وبريد بن معاوية وأبو بصير وزرارة بن أعين ومحمّد بن مسلم وهشام بن الحكم (اشتهر من كتبه 29 كتاباً)(1). وقد بادر بعض تلاميذ الإمام الصادق إلى تدوين روايات وفتاوى الإمام الصادق (عليه السلام) وجمعوها في 400 مصنّف، عُرفت بالأُصول الأربعمائة. ثمّ برع تلامذة الأئمّة الآخرين: موسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمّد الجواد، وعلي الهادي، والحسن العسكري، في التصنيف والتأليف، عبر نقل روايات هؤلاء الأئمّة وفتاواهم وتحويل توجيهاتهم إلى مصنّفات مدوّنة في مختلف المجالات والاختصاصات، ولا سيّما علوم الدين. ومن هؤلاء أحمد بن خالد البرقي الذي ألّف نحو 100 كتاب، والحسين بن سعيد الذي ألّف 30 كتاباً، والفضل بن شاذان صاحب أكثر من 200 مؤلّف، ومحمّد العياشي الذي كتب أيضاً ما يقرب من 200 كتاب وبحث(2). ولم يقتصر تعليم أهل البيت تلامذتهم على علوم الدين، بل تعدّتها إلى العلوم الأُخرى أيضاً، كما هو الحال مع علم النحو الذي علّمه الإمام علي أبا ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ انظر: المراجعات، ص 415 ـ 419. 2 ـ المصدر السابق، ص 422.