(94) الشامي(1). وعلى غرار هذه المناظرة كانت مناظرة الحسن البصري مع الإمام الحسن (عليه السلام) حول القضاء والقدر(2). وللحؤول دون الإطالة في هذا المجال، سنقتصر على ذكر بعض النماذج من مناظرات الإمام جعفر الصادق، وهي كثيرة جدّاً ومطوّلة، بالنظر للفترة التاريخية الاستثنائية التي عاشها الإمام الصادق (عليه السلام). ومن هذه النماذج: مناظرته مع أبي حنيفة النعمان التي أقحمه فيها المنصور، وأحرج فيها أبو حنيفة، إذ يرويها الأخير بنفسه، يقول: «ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد، لمّا أقدمه المنصور بعث إليَّ، فقال: يا أبا حنيفة! إنّ الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمّد، فهيّئ له من المسائل الشداد، فهيّأت له أربعين مسألة، ثمّ بعث إليّ أبو جعفر (المنصور) وهو بالحيرة، فأتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمّد (الصادق) عن يمينه، فلمّا أبصرت به دخلتني الهيبة لجعفر بن محمّد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر (المنصور)، فسلّمت عليه وأومأ لي فجلست، ثمّ التفت إليه فقال: يا أبا عبدالله (الصادق) هذا أبو حنيفة، فقال: نعم... ثمّ التفت إليّ المنصور فقال: يا أبا حنيفة! ألقِ على أبي عبدالله من مسائلك، فجعلت أُلقي عليه; فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا، فربّما تابَعَنا وربّما تابَعَهم، وربّما خالفنا جميعاً، حتّى أتيت على الأربعين مسألة، ثمّ قال أبو حنيفة: ألسنا روينا أنّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس»(3). وهناك أيضاً حوار شهير بين الإمام الصادق (عليه السلام) مع أحد زعماء الزنادقة، في شتّى العلوم الدينية والفلسفية وعلوم الديانات الأُخرى، وأدّت أجوبة الإمام ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ الاحتجاج، ص 267 ـ 269. 2 ـ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحرّاني، ص 231. 3 ـ رواها الموفّق في مناقب أبي حنيفة، ج 1 ص 173.