(58) أن الرسالة الإسلامية هي أفضل الرسالات الإلهية، وهي الرسالة المهيمنة عليها ـ كما ذكرنا ـ وهي الرسالة الخاتمة، ورسولها أفضل الأنبياء على الإطلاق، ومع ذلك كله كان القرآن الكريم يؤكد على هذا الجذر التاريخي والإنتماء للأنبياء السابقين، ولا سيّما إبراهيم (عليه السلام) الذي ينسب إليه القرآن الكريم الإسلام في مواضع عديدة، منها قوله تعالى : ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَـلَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَ هِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَـبَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاِّ وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى قَالُواْ نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ ءَابآئِكَ إِبْرَ هِيمَ وَإِسْمَـعِيلَ وَإِسْحَـقَ إِلهاً وَ حِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )(1). بل أن إبراهيم (عليه السلام) هو الذي سمى الأمة الخاتمة بهذا الأسم منذ البداية، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : ( وَجَـهِدُوا فِى اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَـكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَج مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَ هِيمَ هُوَ سَمَّـكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَءَاتُواْ الزَّكَوةَ وَاعْتَصِمُواْ بِاللهِ هُوَ مَوْلَـكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ )(2). الثاني : ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )(3)،فقد ذكرنا سابقاً أن وجود رسول الله كان بدعوة من إبراهيم (عليه السلام) ، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفتخر بأنه كان دعوة أبيه إبراهيم (عليه السلام). ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ البقرة : 131 ـ 133. 2 ـ الحج : 78. 3 ـ البقرة : 129.