(56) حول خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء ـ إلى هذا البعد التاريخي، إذ يذكر إننا نلاحظ في تاريخ الأنبياء والرسالات الإلهية أن الله تعالى اختار الأوصياء والقادة ـ كما يعبّر الشهيد الصدر (قدس سره) ـ من أؤلئك الأقربين للأنبياء من أقاربهم أو ذرياتهم، وهذا نص كلامه : (في تاريخ العمل الرباني على الأرض نلاحظ أن الوصاية كانت تعطى غالباً لأشخاص يرتبطون بالرسول القائد إرتباطاً نسبياً أو لذريته(1). وهذه الظاهرة لم تتفق في أوصياء النبي محمد (صلى الله عليه وآله) فحسب، وإنما هي ظاهرة تاريخية اتفقت في أوصياء عدد كبير من الرسل ويشير الشهيد الصدر (قدس سره)كشاهد على هذه الحقيقة إلى الآيات القرآنية، كقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَ هِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَـبَ ... )(2)، وكذلك قوله تعالى : في الآيات السابقة 83 ـ 87 من سورة الأنعام. إذن، فهذه ظاهرة تاريخية، ومن ثم فقد طبقت ـ أيضاً ـ على رسالة النبي (صلى الله عليه وآله)، بأعتبار أن الرسالة الخاتمة وإن كانت هي رسالة كاملة وبكمالها تتميز على الرسالات السابقة، ولكن هذه الرسالة الخاتمة هي في الحقيقة إمتداد لتلك الرسالات الإلهية، والنبي (صلى الله عليه وآله) جاء من أجل أن يصدِّق تلك الرسالات، ثم يهيمن عليها، وقد ورد في أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يؤكد ذلك، وأن ما تشهده هذه الرسالة الخاتمة يتطابق تماماً مع ما شهدته الرسالات السابقة حتى جاء التعبير في مقام التطبيق الكامل قوله (صلى الله عليه وآله) : (لتركبن سنّة من كانت قبلكم حذو النعل ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ الإسلام يقود الحياة/ خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء : 166، كما في لوط (عليه السلام) الذي كان يرتبط بإبراهيم، أو في يوشع الذي كان يرتبط بموسى، أو يرتبطون به وبذريته، كما هو الحال في إسحاق وإسماعيل ويعقوب وذرية يعقوب التي أشرنا إليها. 2 ـ الحديد : 26.