(55) وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(1)، يتحدث عن ظاهرة الإصطفاء كظاهرة غيبية، وقضية من القضايا الإلهية الغيبية التي لا تخضع للتفسيرات المادية سارية ـ أيضاً ـ في حركة التاريخ، اصطفى الله تعالى آدم اصطفاءاً خاصاً، واصطفى نوحاً، ثم اصطفى إبراهيم وآل إبراهيم، ثم اصطفى عمران وآل عمران، وكذلك أكد القرآن الكريم أن هذا الإصطفاء ليس أمراً واقفاً على هذه الأسماء وهذه الجماعات، وإنما هو قضية ذات إمتداد في الذرية، ذرية بعضها من بعض، يعني حركة تاريخية تتحرك فى التاريخ الإنساني، يمكن أن نسميها حركة الإصطفاء، وكذلك قد تكون حركة في الأسرة أو في الجماعة والأمة. إذن، فلماذا لا يمكن أن نفترض وجود هذه الحركة وهذا العامل الغيبي في إصطفاء الله تعالى لآل محمد (صلى الله عليه وآله)، وهو ـ أيضاً ـ ما يشير إليه القرآن الكريم في مثل قوله تعالى : ( ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )(2)، ويتم تأكيد ذلك ـ أيضاً ـ في آية المباهلة وغيرها. إذن، فيمكن أن يكون هذا سرّاً من الأسرار الإلهية الغيبية التي لها دلالات معروفة ـ كما سوف نشير إلى بعضها ـ ولكن لها ـ أيضاً ـ دلالات وآثار في حركة التاريخ، وتكامل الإنسان الدنيوي لا نعرفها في فهمناالمادي المحدود لحركة التاريخ، ويكون لها ـ أيضاً ـ أبعاد في مستقبل حياة الإنسان الأخروية. البعد التاريخي: البعد الثاني : البعد التاريخي، وقد أشار الشهيد الصدر (قدس سره) ـ في ما كتبه ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ آل عمران : 33 ـ 34، وهناك آيات عديدة، يمكن أن يجدها الباحث في مادة الإصطفاء والإجتباء وغيرها، في المعجم المفهرس. 2 ـ الأحزاب : 33.