(54) بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَـفِلِينَ )(1)، يعني أن الله تعالى انتزع من ظهور هؤلاء الناس ذريات، ثم بعد ذلك أشهدهم على الحقيقة العظمى في هذا الكون والحياة وهي (الربوبية). وهذه الشهادة التاريخية، لا ندركها الآن كأفراد نعيش الحالة المادية، فلا ندرك ونتذكر هذا الجانب من الشهادة والعهد والميثاق الذي أخذه الله سبحانه وتعالى على بني آدم في ذرياتهم، وشهدوا واعترفوا بذلك، وأنه سوف يحاسبهم الله تعالى في يوم القيامة ـ أيضاً ـ على هذه الشهادة، لئلا يقول الإنسان في يوم القيامة إني كنت غافلاً عن ذلك، فتكون الحجة لله. نحن الآن لاندرك ذلك بصورة مشهودة، فهو أمر غيبي في خلق الإنسان، نعم قد ندرك بفطرتنا وبوجداننا هذه الحقيقة المعبرة عن هذا الجانب الغيبي وهذا الإعتراف بالحقيقة الإلهية، عندما تكون الفطرة سليمة، ولكن هذا المشهد الذي يشير إليه القرآن الكريم في هذه الآية الكريمة لا نحس به في حالتنا المادية ـ وإن كنا ندرك الحقيقة في وجداننا وفطرتنا، من خلال إيماننا بالله تعالى والإعتراف بالربوبيه له تعالى ـ وإنما هو مشهد غيبي يتحدث عنه القرآن الكريم في أصل خلق الإنسان، ومن ثم فهناك عنصر غيبي يتحكم في هذا الجانب. الثالث : والذي يمكن أن نستنبطه من القرآن الكريم ـ أيضا ـ هو حديث القرآن الكريم الواسع والكثير، الذي يمتد في عدد كبير من الآيات والمناسبات والآفاق حول (الإصطفاء) و (الإجتباء) في حركة التاريخ. القرآن الكريم في آيات كثيرة ومنها قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً وَءَالَ إِبْرَ هِيمَ وَءَالَ عِمْرَ نَ عَلَى الْعَـلَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ الأعراف : 172.