(53) الإنسان ـ أيضاً ـ في هذه الدنيا. وهذا الأمر لابد أن نؤكد عليه دائماً في تفسير الكثير من الظواهر الإنسانية، فانه لا يمكن أن نفسر الظواهر الإنسانية بالتفسيرات المادية فقط، لوجود الجانب الغيبي في الإنسان، ومن ثم فلابد أن نفترض وجود جانب من التفسير يرتبط بهذا الغيب. وهذا الأمر ليس مجرد فرضية واحتمال عقلي، وإنما يمكن أن نجد له شواهد من القرآن الكريم ـ أيضاً ـ فقد أشار القران الكريم إلى هذا الجانب الغيبي في الإنسان وحركته التكاملية ـ كما ذكرنا ـ ومن ثم فيمكن أن نفترض في أهل البيت (عليهم السلام) ـ كما ورد في النصوص والروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن أهل البيت (عليهم السلام) ـ وجود أسرار غيبية ترتبط بجعل الإمامة بأهل البيت (عليهم السلام)، لها تأثير في حركة الإنسان وتكامل هذه الحركة. أما الشواهد القرآنية التي تتحدث عن ارتباط الحركة التكاملية للإنسان بالغيب، فهو ما نلاحظه في مجموعة من المؤشرات : الأول : ما ذكرناه من أن الله تعالى خصّ الإنسان من دون جميع الكائنات بهذا الوصف الخاص وهو أنه نفخ فيه من روحه. إذن، فهذا الإنسان موجود ومخلوق يختلف عن بقية الكائنات التي لم توصف بمثل هذا الوصف، وترتبط بالله تعالى هذا الربط في جانب الخلقه. الثاني : ما يشير إليه القرآن الكريم في مجال خلق الإنسان من أن الله تعالى عندما خلق الإنسان، أخذ عليه عهوداً ومواثيق في عالم الغيب، وليس في عالم الشهود والعالم المادي فقط، كما يبدو ذلك من القرآن الكريم، قال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ