(51) وموارد أخرى لا يسع المجال لتفصيلها. إذاً فهذه من السنن التي كانت تحكم مسيرة الرسالات الإلهية، فلا نرى غرابة في أن هذه السنّة تجري ـ أيضاً ـ في هذه الرسالة الخاتمة، بل هي امتداد لسنّة إلهية، شاء الله أن يجعلها حاكمة على مسيرة الأنبياء والمرسلين منذ بداية الرسالات الإلهية وإلى نهايتها. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الإمامة بدأت من نوح (عليه السلام) ـ كما يذهب إلى ذلك العلامة الطباطبائي (قدس سره) وأستاذنا الشهيد الصدر (قدس سره) ـ فقد نرى أن التأكيد في القرآن الكريم على نوح وإبراهيم (عليهما السلام)، وجعل النبوة في ذريتهما، إنما هو إشارة إلى قضية الإمامة واستمرارها في ذرية هذين النبيّين، ولا سيما أن النبي (صلى الله عليه وآله) هو ـ أيضاً ـ من ذرية إبراهيم (عليه السلام)، حيث أنه ينتمي إلى إسماعيل (عليه السلام)، وإسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام) ونبينا هو دعوة إبراهيم (عليه السلام)، وبذلك تصبح القضية مرتبطة تماماً بهذه السلسلة المباركة للأنبياء من ناحية، وهذه السنّة التي كتبها الله تعالى في الرسالات الإلهية، وهي سنة التكريم والتشريف لهم، والنعمة الإلهية عليهم. حكمة الإمامة في الذرية: النقطة الثالثة : التي يمكن أن يشار إليها بهذا الصدد وهي أن قضية التشخيص في أهل البيت (عليهم السلام)، ليست مجرد عملية تكريم وتشريف وفضل ونعمة أنعم بها الله تعالى على أنبياءه، بل أن وراء ذلك أموراً أخرى، يمكن أن نلاحظها عندما نريد أن ندرس هذه الظاهرة؟ وهي أمور ذات أبعاد : غيبية، وتاريخية، ورسالية، وإنسانية. وهذه الأبعاد التي يمكن أن نلاحظها من خلال دراستنا للقرآن الكريم ومراجعتنا ومطالعتنا للرسالة الإسلامية قد تفسر النقطتين السابقتين، ببيان الحكمة