(49) السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )، هؤلاء في البداية يطلبون القبول من الله تعالى لهذا العمل العظيم ، ثم يدعوانه تعالى أن يكونا مع ذريتهما من المسلمين المهتدين المنيبين إليه المقبولين لديه، ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ). ثم لا يكتفون بأن تكون هذه الذرية ذرية مسلمة مهتدية مقبولة، بل تترقى هذه الدعوة بأن يطلبوا أن تكون هذه الذرية ذرية تتحمل مسؤولية النبوة والرسالة ـ أيضاً ـ ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )(1). ولذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفتخر ويقول : (أنا دعوة أبي إبراهيم (عليه السلام))(2)، يعني كان يرى نفسه في تحمله لهذه الرسالة إن ذلك كان إستجابة لدعوة إبراهيم (عليه السلام) عندما كان يرفع القواعد في البيت. الإمامة في الذرية سنّة: النقطة الثانية : إننا نلاحظ في دراستنا لتاريخ الأنبياء والمرسلين، أن هذا التكريم قد تحول إلى سنّة من السنن الواضحة في التاريخ الرسالي، وذلك عندما نرجع إلى القرآن الكريم ومفاهيمه وآياته وتصوره لحركة الرسالات الإلهية والأنبياء، ومن ذلك ما نقرأه في قوله تعالى : ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَـهَآ إِبْرَ هِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَـت مَّن نَشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَـنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَـرُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُـحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ البقرة : 127 ـ 129. 2 ـ البحار 12 : 92، حديث 1.