من الفتنة بين الخليفة والمعارضين، فقد خلق هذا الخلاف جواً من الاضطراب والتخلخل في تماسك ووحدة الكيان الاسلامي، وفي ظل هذه الاجواء المضطرية لم ينعزل الامام عن الاحداث وعن الميدان، وانّما قام بواجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حفاظاً على تماسك الكيان الاسلامي وعلى سلامة تطبيق المنهج الاسلامي من قبل الخليفة والولاة والامة، وكان يحاول تهدئة الأوضاع والعلاقات المتشنجة لكي لا تحدث الفتنة وتتوسع ولكي لا يتمزق الكيان الاسلامي. وقد حذّر الامام الخليفة من بعض الولاة الذين سببوا إثارة المعارضين لانهم يدّعون أنّ مواقفهم واعمالهم كانت بأمر من الخليفة(51). وكان ينصح الخليفة للحيلولة دون تفاقم الاوضاع وكان يرشده الى اتخاذ الموقف الأصوب ويقول له: «أمّا الفرقة فمعاذ الله أن أفتح لها باباً واسهّل اليها سبيلاً، ولكنّي أنهاك عمّا ينهاك الله ورسوله عنه، وأهديك الى رشدك، ألا تنهي سفهاء بنى أميّة عن أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم، والله لو ظلم عامل من عمّالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركاً بينه وبينك»(52). وكان يحذره من مروان بن الحكم ومن الأخذ برأيه لكي لا تتأزم الاوضاع اكثر فأكثر(53). وكان الوسيط بين الخليفة والمعارضين، وكان الخليفة يدعوه أحياناً للتدخّل من أجل تهدئة الأوضاع، قال له في أحد المواقف: «... أرددهم عنّي فانّي