وانّك ان شخصت من هذه الأرض انتفضت عليك الأرض من أطرافها واقطارها ... اقرر هؤلاء في امصارهم، واكتب الى أهل البصرة فليتفرقوا فيها ثلاث فرق... ولتسر فرقة الى اخوانهم بالكوفة مدداً لهم، انّ الاعاجم إن ينظروا اليك غداً قالوا: هذا أمير العرب وأصل العرب، فكان ذلك أشدّ لكلبهم والبتهم على نفسك»(24). فقد راعى الامام المصلحة الاسلامية العليا في هذا الرأي، ولم يفكر بالتخلص من الخليفة بتشجيعه على الذهاب بنفسه للمعركة وللقتال كما يفعل الطامعون بالسلطة، فالمصلحة مقدمة على جميع المصالح الخاصة والذاتية والمحدودة. وفي واقعة اخرى اشار عليه بالخروج بنفسه، فحينما تخصن المشركون ببيت المقدس أجابوا الى الصلح بشرط قدوم الخليفة عليهم، فاستشار الامام بذلك فاشار عليه بالمسير اليهم «ليكون أخفّ وطأة على المسلمين في حصارهم بينهم»(25). وقال له: «إنّ القوم قد سألوك المنزلة التي لهم فيها الذلّ والصغار ونزولهم على حكمك عزّ لك وفتح للمسلمين... حتّى تقدم على أصحابك وجنودك، فإذا قدمت عليهم كان الأمر والعافية والصلح والفتح ان شاء الله» فأخذ عمر بمشورته(26). المجال القضائي: كان الخليفة الثاني يستعين برأي الامام ويقدّمه على جميع الصحابة، وكان الامام (عليه السلام) يسانده ويؤازره في اختيار الحكم أو الموقف الأصوب، وكان يتدخل