استخلافه على المدينة في عهد الخليفة الثاني: أصبَحَ عمر بن الخطاب خليفةً بعهد من أبي بكر، وكما هو مشهور في كتب التاريخ، وفي هذا العهد لم يستشر ابو بكر علياً في الأمر ولا بقية الكبار من الصحابة، ومع ذلك فانّ الامام (عليه السلام) لم يعترض على هذا العهد وهذا الاستخلاف بل توجه الى الافاق العليا وانطلق مع الخليفة الجديد لبناء الدولة والامة، ولم يتخلف عن مختلف الأعمال والنشاطات والممارسات الميدانية التي تحتاج الى رأيه وجهده، وكان ينفذ ما يطلب منه ما دام منسجماً مع أسس وقواعد الشريعة الاسلامية. وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر في كثير من القضايا إلاّ أنّ ذلك لم يمنع من التعاون والتازر تحت ظلّ الافاق العليا للمنهج الاسلامي والمشتركات الثابتة، واذا تتبعنا سيرة الخليفة الثاني نجده لم يعهد الى الامام (عليه السلام) منصباً في ولاية ولا إمرة جيش أو في أي مجال آخر، وكان هذا شأنه مع الكثير من المهاجرين حيث ابقاهم للاستعانة بهم، وكان يستخلف علياً (عليه السلام) على المدينة في حال غيابه عنها، وخصوصاً في الوقائع التي يشترك فيها الخليفة أو المتوقفة على اشتراكه، فقد استخلفه على المدينة في سنة 14 هـ، وفي سنة 15 هـ، وفي سنة 18 هـ(22). وكان الامام (عليه السلام) لا يمانع من أن يكون خليفة لعمر على المدينة، ولا يرى انّ ذلك يقلل من شأنه أو لا يليق بحاله، فهو يستجيب لكل عمل وموقف يقع في طريق تحقيق المصلحة الاسلامية، ومن جهة ثانية فإنَّ استخلافه على المدينة يعبّر عن ثقة الخليفة به، وشهادة له بالاخلاص للاسلام والدولة الاسلامية، وايماناً منه