ومعونته الفكرية والعلمية، سأله اليهود فأجابهم عن مسائلهم، وحينما سألوه عن خصوصيات رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال ابو بكر: «ولكنّ الحديث عنه شديد وهذا علىّ بن أبي طالب» فارسلهم الى الامام (عليه السلام) فأجابهم(19). وسأله ملك الروم عن مسائل فأخبر بذلك علياً فأجابه،"وأراد ان يقيم الحدّ على شارب خمر، فقال الرجل: انّي شربتها ولا علم لي بتحريمها، فارسل ابو بكر الى الامام يسأله عن هذه المسألة المستعصية، فقال: مرّ نقيبين من رجال المسلمين يطوفان به على المهاجرين والانصار وينشدانهم: هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم؟ ففعل، ثمّ خلّى سبيله ولم يحدّه(20). وفي مقام اسناد الدولة كان الامام (عليه السلام) لا يتدخل في الامور الجزئية التي لا ضرر فيها على المصلحة الاسلامية العليا، أو ليست من الامور الاساسية، فلم يحدثنا التاريخ أنّه اعترض على تعيين بعض الولاة أو بعض قادة الجيش، وخصوصاً الذين لا يراهم أهلاً للمسؤولية، ولم يتدخل في تبديلهم أو عزلهم، ولم يقترح تعيين البعض دون البعض الآخر، ولم يعترض على بعض الأخطاء التي ارتكبت، كالتي حدثت في حروب الردّة أو قتال مانعي الزكاة لانّه وجد أنّ غيره قد اعترض عليها. وفي مقابل ذلك كان الخليفة ابو بكر يحترم مكانة الامام علي (عليه السلام) العلمية والفكرية، وكان يشيد به ويعترف بحقّه وفضله، وكان يمدحه في كثير من المواقف ومن أقواله في حقه: «من سرّه أن ينظر الى أعظم الناس منزلة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)وأقربه قرابة، وأفضله دالّةً، وأعظمه غناءً عن نبيّه فلينظر الى هذا»(21).