الاسلامي، فحينما أراد ابو بكر الخروج بنفسه لقتال المرتدين منعه الامام وقال له: «... لا تفجعنا بنفسك»(17). وهذا الموقف يدل على التجرد الكامل من الذات والذوبان الكامل في المصلحة الاسلامية، وهذا درس عظيم لجميع السياسيين في الايثار ونكران الذات ينبغي اشاعة مفاهيمه وقيمه في الممارسات والمواقف السياسية، فالسياسي الذي يرغب في استلام الحكم لا ينصح من ينافسه مثل هذه النصيحة، ولكنّ الامام (عليه السلام) قد مارسها في سيرته العملية ونصح الخليفة بعدم الذهاب بنفسه للقتال. إسناد الدولة وحل المسائل المستعصية: كان الامام (عليه السلام) مسانداً للدولة وللخليفة وكان لا يبخل بأيّ ممارسة ونشاط يقع في أجواء المصلحة الاسلامية العليا، وكان لا يبخل بمشورة تخدم القضايا المصيرية للدولة والامة، والامثلة على ذلك عديدة. ومن ذلك انّ أبابكر أراد غزو الروم، فاستشار الصحابة فقدّموا وأخّروا، ولم يقطعوا برأي، فاستشار علياً، فشجعه على غزو الروم، فقال: «ان فعلت ظفرت» فقال: « بشّرت بخير»(18). وهذا التشجيع من الامام الذي له مكانة مرموقة بين المسلمين اضافة الى خبرته العسكرية دفع الخليفة للانطلاق في هذ الاتجاه، وكان رأيه بشارة وانطلاقاً واسراعاً في الجهاد، وبالفعل كان الفتح حليفاً للمسلمين. وكان الخليفة يلتجأ اليه في المسائل المستعصية، فلا يبخل الامام برأيه