توجه الى عليّ (عليه السلام) فأخبره، فخرج عليّ مغضباً حتى دخل المسجد، فذكر الأنصار بخير، وردّ على عمروبن العاص قوله، فلما علمت الأنصار بذلك سرّها وقالت: «ما نبالي بقول من قال مع حسن قول علىّ»(14). واستطاع (عليه السلام) اخماد الفتنة التي كادت أن تقع لقرب المهاجرين والأنصار من عصر الجاهلية، ولفقد انهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان له تأثير في التوجيه والارشاد اشبه بالتأثير السحري على العقول والقلوب وعلى الارادات المحددة للمواقف وللممارسات العملية، وبفقده (صلى الله عليه وآله) ضعفت قوة التأثير عليهم فعادت بعض رواسب الجاهلية الى بعضهم لتتحكم في مقوّمات شخصياتهم، ولو لا الامام علي (عليه السلام) لتطورت الامور الى قتال ملموس يتجذر في تأثيراته ونتائجه بمرور الايام ليقضي على الدولة وعلى الكيان الاسلامي في ظروف تربص الأعداء وتكالبهم على هذه الدولة الفتية، فقد استجاب الأنصار لنداء الوحدة فلم يكترثوا لتلك المواقف ما دام أحد رؤوس المهاجرين وهو عليّ معهم مسانداً ومدافعاً، ومعترفاً بحقّ الانصار على المهاجرين، فقد كان لحكمته الدور الاكبر في تجاوز الأزمة وسكون الفتنة. وعلى الرغم من وجود اختلاف فكري وسياسي بين عليّ (عليه السلام) وقادة الدولة الاسلامية في النظرة الى الامامة والخلافة وفي النظرة الى المواقف والاحداث المختلفة الاّ انّه (عليه السلام) تعامل مع هذا الاختلاف في حدوده الجزئية، فلم يتعامل معه وكأنّه فواصل كليّة تعزله عنهم، بل تحرك بخطاه وممارساته ومواقفه نحو الاهداف المشتركة الكبرى، وكان تعامله ينطلق من المصلحة الاسلامية العيا، في ظروف تكالبت فيها قوى الكفر والشرك للقضاء على هذه الدولة، وكان أعداء الدولة والأمّة