(43) لتتخذ الدولة صيغتها الإسلامية الكاملة في التطبيق، المتميزة عن الصيغ الأخرى، وهذا إنما يتحقق من خلال الإمامة. لأن مثل هذه الدولة، ومثل هذه التجربة لا يمكن أن تقاد وبصورة كاملة وصحيحة، بحيث تحقق كل الأهداف التي جاءت بها الرسالة، إلاّ بمثل هذه القيادة التي نعبّر عنها بالإمامة. وهنا ينفتح أمامنا باب بحث الخلافة الإلهية، فأن بحث الخلافة الذي هو من الأبحاث الكلامية المهمة التي يتناولها علماؤنا، ويستدلون فيها على تشخيص من يتولى الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقوم بإدارة هذه الدولة، هذا البحث فيه بعدان : بُعد يرتبط بالجانب العقائدي وهو إستمرار الرسالة في الإمامة وعصمة هذه الإمامة كعصمة الرسالة وهو ما نريد أن نشير إليه في هذه الحديث، وبُعد آخر يرتبط بالجانب التاريخي والسياسي والنصوص التي وردت في ذلك، والتحولات الاجتماعية والظروف السياسية التي اقترنت بهذا الموضوع، وهذا البعد له حديث آخر غير هذا الحديث(1). إذن، فنحن عندما نتحدث عن موضوع الخلافة، وأن هذه الخلافة لابد أن يقوم بها الإمام المعصوم، وتكون تجسيداً واستمراراً للحكم الإلهي النبوي، عندما نتحدث عن هذا الموضوع، لا نتحدث عن أمر تاريخي قد يقال عنه : أنَّه ذهب مع الزمن وانتهى وقته، وإنما نتحدث عن أمر عقائدي، يرتبط بفهمنا للإسلام وللرسالة الإسلامية، ولتكامل هذه الرسالة، وهذا قضية مهمة جداً. إذن، فالنقطة الثالثة في ضرورة الإمامة، هي ضرورة وجود قيادة معصومة للحكم الإسلامي والكيان السياسي. ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ سوف نتناوله بشي من التفصيل، عندما نتحدث عن (الولاية) ودور أئمة أهل البيت في قيادة الحكم الإسلامي.