(42) والسلطان والقيصرية. وشاء الله تعالى أن يكون ذلك من امتيازات نبوة محمد (صلى الله عليه وآله). إذن، فهذا من الامتيازات الخاصة التي امتازت بها الرسالة الإسلامية(1). إذن، فعندما تكون من خصائص هذه الرسالة وجود هذه الدولة، فهذه الدولة تحتاج إلى قيادة تقودها، وهذه القيادة لابد أن تكون في منذ البداية معصومة، ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ هذا بحث عميق وفيه الكثير من التفاصيل، وقلت انني أشير هنا إلى العناوين الكلية. ومن هذه التفاصيل تفسير ظاهرة قيام الدول التي أقامها بعض الأنبياء، كداود وسليمان(عليهما السلام)، وغيرهما من الأنبياء الذين أقاموا دولاً، وأشار القرآن الكريم إلى ذلك، عندما يتحدث عن تفضيل ونعم الله على بني إسرائيل بقوله تعالى : ( ... إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَآءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا ... )، المائدة : 20، فأن بعض هؤلاء الأنبياء أقاموا دولة، ولكن هذه الدولة التي أقاموها تختلف بحسب مضمونها وهويتها وخصوصياتها عن هذه الدولة الإسلامية التي أقامها النبي (صلى الله عليه وآله)، ليس بحسب سعتها ودائرة وجودها وتفاصيلها، بل بحسب الهوية والمضمون ـ أيضا ـ وهذا بحث أشرت له بصورة موجزة ـ أيضاً ـ في بحث (العالمية والخاتمة والخلود) كصفات للرسالة الإسلامية. ولكن بصورة اجمالية يمكن أن نقول : إن الدول التي أقامها هؤلاء الأنبياء أقاموها من خلال التحولات البشرية للقدرة والسلطان، فهي دولة ملك سلطان يمكّنه الله تعالى من القدرة في المجتمع، فيقيم حكم الله تعالى، لا أنها دولة أقيمت منذ البداية على أساس الحركة التغييرية للمجتمع الإنساني الذي تقودها الرسالة التي جاء بها هذا النبي، والصراع السياسي والتغيير في المجتمع الإنساني، لإقامة حكم الله في الأرض. فقد مكّن الله تعالى داود (عليه السلام) كقائد عسكري من أن يمسك بالقدرة، فيقيم ـ بطبيعة الحال ـ حكم الله، ولذا توجه إليه الخطاب الإلهي ( يَـدَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَـكَ خَلِيفَةً فِي الاَْرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَتَتَّبِعِ الْهَوَى ... )، ص : 26، فمن الطبيعي أن يحكم بين الناس بالحق. إذن، فكانت هناك قدرة بموجب طبيعة حركة انتقال السلطة بين الناس، ومن بعد هذه القدرة أقيمت هذه الدولة. أما النبي (صلى الله عليه وآله) فقد أقام دولة الإسلام كمشروع طرحه منذ البداية، ثم أسسه وأقام دعائمه.