(41) الْفَـسِقُونَ )(1). إذن، فقضية الدعوة إلى إقامة الحكم بين الناس ليست خاصة بخصوص الرسالة الإسلامية، بل أن قضية إقامة الحكم بما أنزل الله بين الناس هي قضية ترتبط بكل الرسالات الإلهية. ولكن شاء الله تعالى في حركة وتاريخ هذه الرسالات الإلهية أن يقوم الحكم بين الناس كحالة سياسية اجتماعية خارجية، نعبّر عنها بقيام الدولة الإسلامية، شاء الله تعالى أن يقوم ذلك في خصوص تاريخ الرسالة الخاتمة، دون بقية الرسالات الأخرى. فنوح (عليه السلام) لم يتمكن من تحقيق قيام دولة إسلامية، ولو بمستوى الإسلام الذي جاء به نوح (عليه السلام). كما أن إبراهيم (عليه السلام) وهو شيخ الأنبياء لم يتمكن أن يقيم هذا الكيان السياسي الإسلامي، وموسى (عليه السلام) شاء الله تعالى أن يقبضه إليه قبل أن يتمكن من إقامة هذا الكيان السياسي الإسلامي، بعد أن كان قد مهد له بإخراج بني إسرائيل من سلطة فرعون، وجاء بألواح التوراة، ليحقق ذلك، ولكنهم رفضوا الإستمرار في المسيرة ودخول الأرض المقدسة، لتحقيق هذه المهمة الإلهية الصعبة، فكتب الله عليهم أن يتيهوا في الأرض أربعين سنة(2). وكذلك الحال في النبي عيسى (عليه السلام)، حيث رفعه الله قبل أن يحقق هذا الهدف الإسلامي العظيم. ولم يتمكن الحواريون من أن يقوموا بذلك ـ أيضاً ـ فولدت الرهبانية والإنعزال، وانحرفت المسيحية على يد بولس، عندما تحولت إلى الحكم ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ المائدة : 44 و 45 و47. 2 ـ وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم في سورة المائدة الآيات 21 ـ 26.