(37) كثير من الأنبياء السابقين التابعين، وأخرى تكون من قبل الإمام الذي لا يتصف بعنوان النبوة لعدم الحاجة إليها، ولما كانت الرسالة الإسلامية هي الرسالة الخاتمة، الكاملة، المحفوظة، ونبوة محّمد (صلى الله عليه وآله) لا نبوة بعدها، اقتضى أن يكون الدور للإمامة التي لا تتصف بالنبوة. والشواهد التاريخية على هذه الحقيقة عديدة تؤكد النظرية التي أشارت إليها الآيات القرآنية المذكورة، وهذه الآيات تكفي أن تكون شاهداً ودليلاً عليها، ولكن الواقع التاريخي شاهد ـ أيضاً ـ على هذه الحقيقة، فإن ظاهرة الأختلاف ظاهرة قائمة وثابتة في التاريخ الإنسانيـ كما ذكرنا ـ كما أنها ظاهرة ثابتة في التاريخ الإسلامي في زمن النبي وبعده، ولا يمكن لأحد من الناس أن ينكرها أو يخفيها، فهذه القضية ليست مجرد قضية نظرية، وإنما هي قضية ذات واقع قائم في المجتمع الإنساني والإسلامي كله، وهذا هو ما نواجهه ـ أيضاً ـ في هذا العصر والزمان. الإمامة والإختلاف في التأويل: النقطة الثانية : إن الرسالات الإلهية تواجه ـ عادة مع غض النظر عن الإختلاف الأول الذي ذكرناه في النقطة الأولى ـ بعد ثبوتها ورسوخ أقدامها نوعاً آخر من الإختلاف وهو الإختلاف في تفسير هذه الرسالة، وفهم مداليها وتأويلها وتجسيد المصاديق الخارجية فيها، وهذا نوع آخر من الإختلاف، أشار إليه القرآن الكريم في كثير من الآيات الكريمة التي تحدث فيها عن أهل الكتاب وما اختلفوا فيه من تأويل الكتاب، منها قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَـبِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ