(368) جـ ـ وجوب معرفة المسلمين لمقام أهل البيت (عليهم السلام): إن الموقف من القول بالغلو تجاه أهل البيت (عليهم السلام) يشبه الى حدّ ما الوقوف على خيط رفيع فإن أي حركة ميلان غير متوازنة توجب السقوط في البئر العميقة، لذلك فإن الائمة الاطهار (عليهم السلام) مثلما نبهوا من الوقوع في هاوية الأفراط كذلك حذروا من السقوط في هاوية التفريط وأن مواجهة حركة الغلو ونفي الغلو عنهم لا يعني سلب المقامات العالية التي خصّهم الله سبحانه وتعالى بها فان لهم مقامات عند الله سبحانه لا يعلمها إلاّ نبي أو وصي أو عبد امتحن الله قلبه بالايمان. عن الرسول (صلى الله عليه وآله) قال مخاطباً علي (عليه السلام): (لو لا إني أخاف أن يقال فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالة لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا تراب نعليك وفضل وضوئك يستشفون به ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك ترثني وأرثك)(1). وفي حديث آخر أراد الامام (عليه السلام) من المسلمين أن يحافظوا على التوازن بين حفظ مقام أهل البيت وبين عدم الغلو فيهم فقال (عليه السلام): (لا تجاوزوا بنا العبودية ثم قولوا ما شئتم ولا تغلو وإياكم والغلو كغلو النصارى فإني بريء من الغالين)ثم يشير الامام (عليه السلام) الى أن نتيجة عدم التوازن واحدة وهي الهلاك للطرفين حيث يقول: (يهلك فيّ اثنان، محب غال ومبغض قال)(3). ثم يبين الامام الصادق (عليه السلام) أن الراد على أهل البيت (عليهم السلام) كالراد على الله سبحانه وتعالى فيقول: (ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردّوه إلينا، وما جاءكم عنّا مما لا يجوز أن يكون ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ المجلسي، محمد باقر، بحارالانوار ج 25، ص 284، رواية 35. (2)2 ـ المصدر السابق ج 4، ص 303، رواية 31. 3 ـ المصدر السابق ج 25، ص 285، رواية 36.