(352) ولأن عقيدتنا بكل تفاصيلها تخلو من الثغرات التي تفك من تماسكها لارتباطها وصدورها من الله تعالى والذي يكون كذلك لا يمكن ان يحمل في تكوينه ما يؤدي الى الانحراف والاختلاف لانهما من صفات المسائل التي تصدر من غير الله (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)(1). وهذا التماسك لا يسمح بنفوذ الافكار الغريبة واذا وجدت عند افراد وحاولت النمو في البيئة الاسلامية فإنها سريعاً ما تظهر عيوبها وتعارضها مع معتقدات الامة، وتفرزها المضادات والمناعات الفكرية التي لا تسمح ببقائها وامتلاك الامة للمناعة في عقائدها يمكنها من مقاومة نفوذ كل غريب بعد تشخصيه. بناءاً على هذا اذا اردنا ان نفتش عن علل نشوء الغلو لا يمكن ان نجدها في العقيدة الاسلامية الاصيلة القائمة على تنزيه الله تعالى من كل نقص والتي تنفي ان يكون (عز وجل) يحمل صفات المخلوقات: (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد). وقوله: (ليس كمثله شيء). ولا يأمر ولا يجوز ان يُتخذ عباده ارباباً من دونه حتى لو كان عباده من احب مخلوقاته اليه واكثرهم كمالاً كالانبياء والملائكة. (ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين ارباباً أيأمركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون)(2). وقبل كل ذلك غرس الاتجاه الفطري في نفس الانسان نحو عبادته سبحانه وتعالى وجعل الانسان يعيش في اعماقه الاحساس بالعبودية له (سبحانه وتعالى) ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ سورة النساء: 82. 2 ـ سورة آل عمران: 80.