(204) وسلم أنه لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق..."(1). ان الصراع الذى كان سائدا فى مكة قبل الاسلام لم ينته تماما مع مجىء الاسلام ودخول الناس فيه، فقد لعبت القبلية والعشائرية دورها فى عدم انزال على بن أبى طالب المنزلة التى يستحقها عند البعض. فقد صار على رضى الله عنه رمزا لبنى هاشم وهو المقدم فيهم والمبرز علما وورعا والمؤهل للقيادة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان هناك من يطمح ليستولى على هذه القيادة وينتزعها من بنى هاشم. فعمد الى معاداة على والكيد له. ولعل السبب الأهم فى الجفاء وحتى البغض الذى لاقاه على رضى الله عنه هو بلاؤه فى الحروب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشدته على القوم. فكل هذه العوامل ساهمت فى ذلك الجو من الاعراض الذى قوبل به على رضى الله عنه. وهو فى كل ذلك مظلوم فقد وضع الاسلام عليا فى مكانة عظيمة وكان همه الاسلام وكان أعدائه الدنيا ومتاعها. ولعل القول الذى قاله أبو سفيان فى مجلس عثمان بن عفان رضى الله عنه عندما آلت اليه الخلافة عندما سألهم أفيكم أحد من غيركم؟ (أى من غير بني أمية) فقالوا لا. فقال تمسكوا بها وتلقفوها كالكرة...! ان مثل هذا الكلام يدل دلالة واضحة على ما أشرنا اليه. ولكن رغم كل ذلك فقد كان الناس محتاجين الى علم على وفقهه وحكمته وقضائه، ولم يكن هو يحتاج لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ المصدر السابق، ج 13، ص 177 (أبواب المناقب).