(114) عند أبي جعفر، لقد رأيت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم كأنّه صبي بين يدي معلّمه(1). وقال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)(2). ونقل الإمام الشافعي في رحلته: أنّه سمع من مالك قوله للرجل الذي أجاب على مسائله: قرأت ـ أو سمعت ـ الموطّأ؟ قال: لا. قال: فنظرت في مسائل ابن جريح؟ قال: لا. قال: فلقيت جعفر بن محمّد الصادق؟ قال: لا. قال: فهذا العلم من أين لك(3)؟ قد خرجنا بالنتيجة التالية: إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ارتحل وقد خلّف الثقلين لترجع إليهما الأُمّة في حلّ معضلاتها ومشكلاتها، وأنّه عيّن المقصود من أهل بيته وأشاد بهم في مواقف مختلفة وعرّفهم للأُمّة، بيد أنّ هناك سؤالا يطرح نفسه، وهو: إنّ أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته الطاهرة قد ارتحلوا فأين تراثهم وعلومهم حتّى ترجع إليها الأُمّة. هب أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تعبّدنا بالرجوع إليهم والتمسّك بأحاديثهم وكلماتهم فأين أحاديثهم وعلومهم حتّى نرجع إليهم؟ الإجابة على السؤال: والجواب عنه واضح، وهو أنّ تراث أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) وأحاديثهم ومعارفهم تتمثّل في الأُمور التالية: ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ حلية الأولياء 2 ـ تهذيب الكمال: 5 / 79. 3 ـ رحلة الإمام الشافعي: 25.