(101) مرحلة تثبيت الأقدام والفتوحات وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية، ولم يسمح لمن أراد أن يلوِّح بورقة الخلافة لتفريق الأُمّة، بتمرير مخطّطه، وهو ما حدث مع أبي سفيان، الذي دعاه عقيب السقيفة بأن يتصدّى للخلافة، فنهره الإمام عليّ وفضح أمره، بل إنّ الإمام عليّ لم يبخل بأية مشورة للخلفاء الراشدين. ويكفي أن نراجع الخطبة الشقشقية وكتابه إلى أهل مصر الذي بعثه مع مالك الأشتر، لنقف على مجمل هذه الحقائق. ففي كتابه إلى أهل مصر قال الإمام عليّ (عليه السلام): «... إنّ الله سبحانه بعث محمّداً نذيراً للعالمين ومهيمناً على المسلمين، فلمّا مضى تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقي في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزيح هذا الأمر من بعده عن أهل بيته ولا أنّهم منحّوه عنّي من بعده، فما راعني إلاّ والناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد، فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به علَيّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان... كما يزول السراب، أو كما ينقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث، حتّى زاح الباطل وزهق واطمأنّ الدين»(1). وهذه الكلمات واضحة الدلالة تماماً على تغليب الإمام عليّ (عليه السلام) مصلحة الإسلام، برغم تصريحه بأحقّيته في خلافة رسول الله، ولم يقف الإمام على الحياد تجاه قضايا الإسلام، بل ظلّ في خضمّ الأحداث فاعلا وعاملا، ومن ذلك موقفه من حروب الردّة ومانعي الزكاة، ثمّ موقفه من التجاوزات التي قام بها بعض قادة الجيش الإسلامي خلالها. ففي كليهما تصرّف بالطريقة التي يمليها عليه موقفه ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ نهج البلاغة، الرسالة رقم 62.