الإسلام دين الإنسانية المنهدس نبيل سليمان من الجمهورية العربية السورية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام وجعلنا خير أمة أخرجت للناس وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق إلى جميع الناس وجعل شريعته باقية وعامة لجميع الأجناس صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الأطهار وصحبه الأبرار وسلم تسليما كثيراً . يتألق هذا اليوم الكريم من تاريخ الإسلام بذكرى مقدسة هي أحب ذكرى عرفها تاريخ العرب، وأكون على حق واضح وصريح إذا قلت : إنها أنجب ذكرى عرفها تاريخ الإنسانية... هذه الذكرى الحبيبة إلى كل قلب، الجليلة في كل نفس ، هي ذكرى مولد محمد رسول الله (صلى الله على محمد وآل محمد). إن الحديث عن نبي الهدى والرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم حديث الحياة .. فهل يمكن أن يمل الإنسان شعلة الحياة الفتية الملتهبة بين جوانحه ؟؟ وإن الناس عربا ومسلمين ، غربيين وشرقيين ، مهما قالوا وأجادوا ، وحلقوا، يظلون مقصرين عن الوفاء بما له من حقوق على الإنسانية قاطبة. إن التكريم الحق والأوفى هو : أن ننير عقولنا بهديه الرحماني ، وأن نتخذ من كتاب الله دستورا عمليا لوجودنا .. وأن نطيع الله فيما أمرنا به بقوله: «واعتصموا بجبل الله جميعا ولا تفرقوا». ونطبق على نفوسنا قوله صلوات الله عليه وآله : «وكونوا عباد الله إخوانا». إن مبادئ الإسلام توجب أن يرتبط الإنسان بأخيه الإنسان برباط مقدس هو : المحبة الصادقة. إن أنوار المحبة حين تشرق في القلوب تقتل فيها جراثيم البغضاء ، والأحقاد ، وتطفئ نيران الشرور، وحين تموت هذه المفاسد الخبيثة، يعيش الناس حلاوة الإخاء والصفاء في الدنيا ، ومباهج النعيم في الآخرة... المحبة كنز أثمن من الذهب ، وأنفس من الجواهر ، لأنها الكوكب الذي ينير المجتمع البشري بالسعادة الحقيقية وهي كامنة في ضمائرنا كمون النار في الحطب، وما علينا إلاّ أن نسلط عليها شعاعا من أنوار: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. وسنرى أنها تتوقد، وتمتد... وتمتد.. حتى تملأ دنيا نفوسنا غبطة، وهناء ثم ينعكس ذلك على المجتمع تآلفاً، وخيراً، وسلاماً. فالإسلام أوجب المحبة، وجعلها معراج المؤمنين إلى جنات الخلود... ويأتي دور القائد الإسلامي الفذ سماحة الإمام آية الله الخميني الذي نذر نفسه الحرة لخدمة الإسلام وجمع كل المسلمين تحت راية لا إله إلا الله ـ راية المحبة، والإخاء، والرحمة، يأتي دوره ليقول : «فمن يرد ان يخدم إسلامه ووطنه، فإن عليه ان يبتعد عن طريق إثارة الفرقة والخلاف، فبالوحدة والاتحاد، والتعاون المشترك ، نستطيع أن نحقق أهدافنا في خدمة الإسلام والمسلمين ، وننقذ المستضعفين الذين ظلموا طوال التاريخ» . ولعل هناك من سأله : ما هي أمنيتكم المقدسة يا سماحة الإمام؟ فأجاب: «ما أتمناه هو : أن نعيش (أي المسلمون) سوية، ونعمل في جو آمن ، حتى نستطيع أن نأخذ بالأمة الإسلامية نحو ساحل الأمان. ومن أجل تحقيق هذه الأمنية القرآنية يرفع صوته عمودا من الضياء الباهر ويقول: أيها المسلمون المؤمنون بحقيقة الإسلام انهضوا، ووحدوا صفوفكم. تحت راية التوحيد ، وفي ظل تعاليم الإسلام ... وتجنبوا الاختلافات والأهواء النفسية ، فإنكم تملكون كل شيء ... اعتمدوا على الفكر الإسلامي... وقفوا على أقدامكم... وجددوا هويتكم». ويقول متوجعا: «يا مسلمي العالم ماذا دهاكم؟» لقد استطعتم في صدر الإسلام بعددكم القليل ، أن تحطموا القوى الكبرى، وتشيدوا صرح الأمة الإسلامية العظيمة، والآن أنتم تقاربون المليار إنسان... وتملكون كل شيء ، تملكون قوة الإسلام التي تفوق كل شيء ، وكل سلاح، كما تملكون الصحاري، والبحار والبلاد الواسعة الغنية.. وكأنما خطر له أن المسلمين يخافون قوى الشر المتجسدة في الاستكبار العالمي فيهيب بهم أن لا يخافوا لأن طاقاتهم الروحية الإسلامية .. وعددهم ... وعدتهم ... تكفل لهم النصر المؤزر ، إذا اعتصموا بحبل الله المتين، وكانوا يدا واحدة ، وإخوان صدق كما يريدهم الله ورسوله. قال : «اعلموا أن قدرتكم الروحية ستتغلب على جميع الطواغيت... وتستطيعون بعددكم البالغ مليار إنسان ، وبثرواتكم الطائلة غير المحدودة أن تحطموا جميع القوى، انصروا الله ينصركم ايتها الجموع الغفيرة من المسلمين». ثم يشعل في أعصابهم ضرام الثورة المحمدية، فيقول: انتفضوا... وحطموا أعداء الإنسانية... فإن اتجهتم إلى الله تعالى... والتزمتهم بالتعاليم السماوية... فالله تعالى معكم... وصدق الإمام القائد الثائر ... فانه صلى الله عليه وآله قال : «يد الله مع الجماعة». ويقتفي نهج الإمام القائد الثائر ، خليفته آية الله العظمى السيد علي الخامنئي، فيقول مدللا على القدرات الجبارة التي يملكها المسلمون: «لا يخفى على أحد، إن عالمنا الإسلامي يمتلك طاقات وثروات بشرية وطبيعية عظيمة ، وفيه عباقرة: الشعراء ، والكتاب، والعلماء، والفنانين ، والسياسيين ، كما فيه الثروات الطبيعية العظيمة. وحيث إنهم أغنياء بتلك الطاقات العظمى، فإنه يقول: «ادعوكم أيها المسلمون باعتباري مسلما مطلعا على ما يحاك من مؤامرات (أي ضد الإسلام والمسلمين) أن تتحدوا، فالوحدة أصبحت ضرورة حياتية لابد من تحقيقها ، وعلى المجتمعات الإسلامية أن تخطو سوية وبجد نحو تحقيق هذا الهدف السامي، متجاوزين كل الصعوبات ، فبامكان الشعوب الإسلامية أن تتحد رغم الاختلافات المذهبية ، والطائفية، ونمط المعيشة ، والتقاليد، والعادات. ثم يشرح معنى الاتحاد فيقول: «فالمقصود من الاتحاد ، وهو اتخاذ مواقف موحدة تجاه قضايانا المصيرية، وأن يساعد بعضنا البعض ، وأن لا نستخدم ثرواتنا ضد بعضنا البعض». هكذا يريد خليفة الإمام الخميني أن تستعمل الثروات الطبيعية في سبيل إعلاء كلمة التوحيد، وإعزاز المسلمين، وجعلهم في مقدمة شعوب العالم كله حضارة... وتقدما... في كل مطالب الحياة... ومكارمها... وإذا كان هم أعداء الإسلام أن يمزقوا المسلمين ليضعفوهم، ويقيدوهم بسلاسل التخلف والتبعية لهم، فما هو واجب المسلمين، وهم الإخوة في الإسلام، ربهم الله الأحد، ونبيهم محمد، وكتابهم الذكر الحكيم؟؟؟ لنستمع إلى آية الله السيد الخامنئي يعطينا جوابا على هذا السؤال ، قال: «لذا علينا أن نحذر ذلك ، ونتحد، ما دام كتابنا واحدا، ونبينا صلى الله عليه وآله واحدا، وقبلتنا واحدة، وحجنا واحدا، وعقائدنا واحدة، ما عدا بعض الخلافات (أي التي لا شأن لها) فقد أصبحت مسألة وحدتنا ضرورية ، وكلما تأخرنا في تحقيقها يوما واحدا، فهذا يعني خسارة لعالمنا الإسلامي. ثم يخاطب بعض مفكري الإسلام الذين قدموا من الأقطار الإسلامية لحضور احتفالات المولد النبوي في طهران فيقول: «آمل أن تخطو أيها الأخوة والأخوات خطوات أوسع، وأن تتعاونوا، وتتآزروا ـ وتتعاضدوا بما فيه مصلحة امتنا وإسلامنا العظيم». إن الإسلام يرفض رفضا مطلقا ما يفرق، لأن التفرقة تؤدي إلى الضعف، والضعف عنوان الانحطاط، والانحطاط مطية التخلف.. ولذلك يخاطب تبارك وتعالى المسلمين قائلاً : «ولا تنازعوا، فتفشلوا، وتذهب ريحكم». ويقول نبينا نبي الهدى والرحمة: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه». ورأينا أئمة المذاهب ينهون عن تقليدهم ، لأنهم بشر يخطئون... ويصيبون، ولأنهم أدركوا بأذهانهم الثاقبة، أن التعصب لهم سوف ينبت الفتن... والخلافات التي تسبب للأمة الإسلامية شرا مستطيرا، ولأنهم حفظوا عن رسول الله قوله الحكيم : «ما دخلت العصبية شيئاً إلا أفسدته». ترى أما آن للمسلمين : فقهاء ، وعلماء، وأدباء، وجماهير أن يعرفوا ذلك؟؟؟ أما آن أن يعرفوها بعد التجارب المريرة التي قاساها الآباء والأجداد ونقاسيها نحن في ايامنا؟؟ ولا ريب إن المستقبل سيكون أدهى وأمر إذا لم يستقيموا صفا واحدا كالبنيان المرصوص. لقد آن أن يدرك الجميع هذه الحقيقة، ويعلموا أن لا حياة كريمة إلا بالتآخي، والمحبة، والتسامح، والتعاون على البر والتقوى كما أمر الله سبحانه ، ولا يجوز أن تكون المذاهب عامل تفرقة لأنها جميعا للإسلام، ومن الإسلام، وليس ثمة ضير أن يعمل كل فريق بالاجتهادات التي استنبطها فقهاء مذهبه من كتاب الله وسنة رسوله المطهرة بلا تعصب... واتهام الآخرين بما يرفضه الإسلام رفضا مطلقا، لأن الإسلام إنّما قام على التوحيد... والوحدة. ان الوحدة الإسلامية قدر المسلمين إذا أرادوا أن يعيدوا للإسلام مكانة الصدارة والسيادة في هذا العالم... وإذا أرادوا أن يحيوا حياة راضية عاملة لإسعاد العالم بحضارة روحية... مادية... تتحقق معها المدينة الفاضلة التي ينشدها الإسلام. إن قدامة البابا يعمل لتوحيد الكنيستين: الغربية والشرقية المنفصلتين منذ ألف عام ، والمسلمون ما برحوا يجعلون من الطائفية .. والمذاهب أديانا فيشوهون بذلك رحمانية الإسلام... وإنسانية الإسلام ... ويبتعدون عن حقائق الإسلام. أليس هذا عصيانا لله الذي يقول لهم : «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»؟ أليس مبعث أسى لرسول الله الذي يقول لهم : وكونوا عباد الله إخوانا ... أليس ذلك مما تقر به عيون أعداء الإسلام الذين يعملون لإطفاء نوره. وفي النهاية يمكنني أن أقول: إن تشكيل قوة متحدة متماسكة تستطيع أن تفرض إرادتها واحترامها وتعطي العالم زادا جديدا من الحضارة الروحية والخلقية والممتزجة في الوقت نفسه بالحضارة المادية والعلمية مستندة إلى الوسائل الحديثة المتطورة العصرية تعطي الخير والنماء للإسلام وأهله وتعيد إليه صورته المشرقة ورسالته الحقة. فهذه الصحوة الإسلامية المتوثبة في العالم الإسلامي قد تعاظمت لتشمل العواصم العربية والإسلامية هي اليوم في الجمهورية العربية السورية وبتوفيق من المولى الكريم في بهائها وإشراقها فالسيد الرئيس المؤمن حافظ الأسد يدع بالقول والفعل والتوجيه للتمسك بتعاليم الإسلام العظيم ونصوص القرآن الكريم وفي ظل قيادته الحكيمة والرشيدة ونهجه السليم استطاعت سورية هذا البلد الصامد أن تعيش في ظل وحدة وطنية سياسية ودينية راسخة البنيان وكل هذا ينضوي تحت قوله تعالى : ? إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ?. ? رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ? ? وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ? ? وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى? وقال إنني من المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.