وعندما قام مصطفى كمال بثورته عام 1920 أرسل إليه بديع الزمان وإلى المجلس النيابي الذي كان يتولى رئاسته، خطاباً مطولاً يحثهم فيه على أقام الصلاة والاستقامة. ثم عكف على كتابة رسائل لنشر التوعية الإسلامية ومقاومة أتاتورك. وكان كل فرد تصل إليه رسالة منها ينسخها في عدة نسخ، ثم يوزعها على القراء، فتنشر بسرعة في البلدان والمجتمعات، وبين الطلاب والجنود والموظفين، واستمرت بهذه الطريقة عشرين سنة. وشعر أتاتورك بخطورته، فأمر بنفيه، ثم أمر بمحاكمته وسجنه، ومع ذلك لم يتوقف عن كتابة البحوث والرسائل، وحث المسلمين على العلم والتمسك بالدين. ثم حوكم مرة أخرى، وأعلن أثناء المحاكمة بصلابة تمسكه بالإسلام، وأعيد إلى منفاه، ولم يفرج عنه حتى عام 1947 حين تساهلت الحكومة بعض الشيء بالثقافة والنشاط الديني بضغط من جماعة النور. وأجازت الحكومة حينئذ طبع رسائل النور، فانتشرت في كل بلدة وسوق ومسجد ومدرسة، وانضم لدعوته كثير من العلماء والأدباء والمفكرين وأساتذة الجامعة. وهذا ما أوعز صدر الحكومة عليه من جديد، فأحالته إلى محكمة أفيون الجزائية عام 1948، وحكم عليه بالحبس عشرين شهراً، ثم بقي معزولاً حتى وفاته سنة 1959م. وكانت جماعة النور تدعو إلى تفهم القرآن والتخلق بأخلاق الإسلام، وتحث على الجهاد في سبيل الله وتطبيق شريعته وإقامة وحدة مع البلدان الإسلامية. وأعضاؤها لا ينفرون من الدنيا ونعيمها، ولا ينزوون بعيداً عن الحياة; ولكنهم يحبون العمل النافع والحركة المثمرة، ويجاهدون لإعلاء كلمة اللّه، ويحرصون على