التعاون والتعايش بين الأديان السماوية لتحقيق الأمن والسلام العالمي المفتي تاج الدين الهلالي مفتي المسلمين في استراليا بسم الله الر حمن الرحيم الحمد للّه الذي آخى بين قلوب عباده المؤمنين، وربط بين نفوسهم برباط الإيمان واليقين، وصلى اللّه وسلم وبارك على «خاتم النبيين» المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه البررة الميامين وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين. جعلنا اللّه من التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين «وبعد». فلا غروَ أن يدعو المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية إلى انعقاد هذا المؤتمر الفكري الهام الهادف إلى تحقيق الخير والفلاح لشعوب أمتنا الإسلامية وشعوب العالم أجمع بحضور هذه النخبة الخيرة من رجالات الفكر والعلم والدين. وتحتضنه أرض الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي شهدت ميلاد ثورة إسلامية مباركة مظفرة أحيت موات القلوب اليائسة، واستنهضت همم النفوس الغافلة، وأعادت للإسلام وجهه البسام وليواجه المسلمون تحديات العصر بكل عزة وإباء. هذه الثورة الإسلامية التي حاول الاستكبار العالمي تقويضها وإطفاء نورها، وكسر شوكتها. بيد أنها واجهت كل الصعاب والمخاطر بالاعتماد على اللّه والتوكل على صاحب العظمة والجاه، فأضحت كلمتها مسموعة وراياتها مرفوعة بعد أن أعلنها الشعب الإيراني مدوية في سمع الزمان لن نركع لن نركع مادام فينا طفل يرضع وأكدت الثورة الإسلامية للعالم أجمع أن الأمة الإسلامية بما تملك من تراث فكري وحضاري قادرة على العطاء والمشاركة في مسيرة الحياة الإنسانية على ظهر المعمورة وكان نداؤها المتكرر دائماً للشعوب المستضعفة أن هبوا واستيقظوا من غفلتكم وانفضوا عنكم حياة التبعية والهامشية. وبذا أضحت إيران الإسلام قبلة للمستضعفين. ومحط آمال المؤمنين المتعطشين إلى عودة شرعة رب العالمين. نداءٌ ورجاءٌ وإننا، باسم الإنسانية التي تصلنا جميعاً بأبينا «آدم» وأمنا «حواء» وباسم الآدميّة التي اصطفاها اللّه أكرم اصطفاء. وأسجد لها ملائكة السماء. وحباها من علمه وعلّم «آدم» الأسماء.. سخّر لها كلّ ما في السموات والأرض على السّواء.. باسم هذه الإنسانية التي أصبحت معذّبة بيد بنيها. وتكوى بنار الدّمار والبوار بما صنعت أيديها.. فتسلّط الإنسان على أخيه الإنسان. واستباح دمه وعرضه وماله بلا حجّة ولا برهان، باسم هذه الأخوة التي لا ينكرها أحد، أناشدكم جميعاً إخلاص النيّة للّه تعالى بصادق الهمم نتوجّه إلى الإنسانية الحائرة التائهة لنوقظها من غفلتها. ونخلّصها من كبوتها. ونعيدها إلى فطرتها. بـإعلان الصّلح مع خالقها، بالعودة إلى قيم دينها وتعاليم ربّها; فما أرسل اللّه تبارك وتعالى الرسل والأنبياء إلا لتحقيق الخير والعدل والسعادة والرّخاء. وإذا كان الإنسان يحيى بجسد وروح فإن للجسد حاجاته ومتطلّباته. وللرّوح أيضا متطلباتها وحاجاتها. والتقدم في ميدان المادة والإخفاق في ميدان الروح لا تجني منه البشرية إلا مزيداً من العناء والشقاء والبلاء: وإذا أصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتما وعويلا وليس بعامر بنيان قوم *** إذا أخلاقهم صارت خرابا فليُصبــــح المستضعفون أعزّة *** في ظل شرع اللّه رافــــع رايته وليــــأخذ الفقراءُ كامل حقّهم *** من كل كانز مالــــه بخزانته وليكفــــف الحُكّام عــــن جبروتهم *** وليمــــض كلّ في شؤون رعيّته وليرع كلٌّ حق حــــرمة غيره *** في العرض أو فــــي المال أو حريّته فالناس كلُّهمو ســــواسية، وما *** للمــــرء ميزان بغير عقيدته نظرةُ «الإسلام» إلى «المسيحيّة» يستقي المسلمون عقيدتهم ومعرفتهم بـ «المسيحيّة» و«السيّد المسيح» (عليه السلام)بما ذكره «القرآن الكريم» في سورة «آل عمران» وفي السورة التي سمّاها باسم «مريم»(عليها السلام). فيتعبّدون اللّه تعالى بحبهما ويتقرّبون إليه بالصّلاة عليهما كلما ذكر اسمها. ويقرّون بميلاد «المسيح» كمعجزة وآية للعالمين. ويتلون آيات اللّه في صلواتهم، متدبّرين خاشعين، وهي تقص عليهم نبأ المعجزات التي أجراها اللّه تعالى على يد سيدنا «عيسى»(عليه السلام) والمسلمون لا يعتقدون أن الإسلام دين ابتكره وابتدعه أو جاء به نبيهم محمد (صلى الله عليه وآله); وإنّما، وكما ذكر «القرآن الكريم» وأفادت «السنة النبويّة» أنه دين جميع الأنبياء والمرسلين: (شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا والّذي أوحينا إليك وماوصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه..)([i]). ويقول الرّسول محمد(صلى الله عليه وآله) «الأنبياء إخوة لعلاّت: أبوهم واحدٌ; وأمهاتهم شتى». ويقول، معترفاً بكل محبّة ووفاء وعرفان لجهود إخوانه السابقين من الأنبياء والمرسلين: (إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). من هذه الزّاوية، يمكن النّظر إلى «الإسلام» بصفته أقدم الديانات الدّاعية إلى التوحيد، وإن كان في الوقت ذاته أحدثها تاريخياً ولا يزعم لنفسه الأحقيّة المطلقة في تأصيل مكارم الأخلاق وشجب غيره من الأديان كما تفعل الديانات الأخرى; بل إن «الإسلام» يعترف ببناء صرحه على أسس الدّيانتين السماويتين اللتين سبقتاه، مشيداً بجهود أنبياء اللّه، معترفاً بجوهرهما الدّاعي إلى التوحيد ومكارم الأخلاق. وإن كان «الإسلام» ينكر عقيدة التثليث والطبيعة الإلهية للمسيح، فإن هذا المعتقد له أنصاره ويزداد مؤيدوه بين المسيحيين يوما بعد يوم. وقد أفصح عن ذلك بالأدلة الكاتب الألماني «كارل هاينز دشنر». في مؤلّفاته.([ii]). التطبيقُ العملي لهذا المفهوم إن «الإسلام» وضع قواعد ومبادئ للتعامل مع أهل الديانات السماويّة معتمدة على الأصول: 1- أن الأديان السماوية كلها تستقى من معين واحد: (شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرقّوا فيه..)([iii]). 2- وأن الأنبياء إخوة لا تفاضل بينهم من حيث الرسالة، وأن على المسلمين أن يؤمنوا بهم جميعاً: (قولوا آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النَّبيون من ربّهم لانفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون)([iv]). 3- وأن العقيدة لا يمكن الإكراه عليها، بل لا بدَّ فيها من الإقناع والرّضا: (لا إكراه في الديّن)([v])... (أفأنت تكره النّاس حتى يكونوا مسلمين)([vi]) 4- وأن أماكن العبادة للديانات الإلهية، يجب الدفاع عنها وحمايتها كحماية مساجد المسلمين: (ولولا دفعُ اللّه النّاس بعضهم ببعض لهدِّمت صوامع وبيعٌ وصلوات ومساجِد يذكر فيها اسم اللّه كثيراً)([vii]). 5- وأنّ الناس لا ينبغي أن يؤدّي اختلافهم في أديانهم إلى أن يقتل بعضهم بعضاً أو يتعدّى بعضهم على بعض، بل يجب أن يتعاونوا على فعل الخير ومكافحة الشر: (وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)([viii]) أما الفصل بينهم فيما يختلفون فيه، فاللّه وحده هو الّذي يحكم بينهم يوم القيامة: (وقالت اليهود ليست النّصارى على شيء، وقالت النّصارى ليست اليهود على شيء، وهم يتلون الكتاب; كذلك قال الّذين لا يعلمون مثل قولهم - فاللّه يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)([ix]). 6- وأن التفاضل بين النّاس في الحياة وعند اللّه، بمقدار ما يقدّم أحدهم من خير وبر. الخلقُ كلّهم عيال اللّه; فأحبهم إليه أنفعهم لعياله: (إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم)([x]). 7- وأن الاختلاف في الأديان لايحول دون البر والصّلة والضّيافة: (اليوم أحل لكم الطّيبات; وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌ لهم، والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم)([xi]). 8- وأنه إن اختلف الناس في أديانهم، فلهم أن يجادل بعضهم بعضا بالحسنى وفي حدود الأدب والحجّة والإقناع: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن)([xii]) ولا تجوز البذاءة مع المخالفين ولا سب عقائدهم ولو كانوا وثنيين: (ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدواً بغير علم)([xiii]). هذه مبادئ التسامح الديني في «الإسلام» الذي قامت عليه حضارتنا. وهي تُوجب على المسلم أن يؤمن بأنبياء اللّه ورسله جميعاً، وأن يذكرهم بالإجلال والاحترام، وأن يتعرض لأتباعهم بسوء، وأن يكون معهم حسن المعاملة; رقيق الجانب; ليّن القول، يحسن جوارهم ويقبل ضيافتهم ويصاهرهم حتى تختلط الأسرة وتمتزج الدماء. وأوجب «الإسلام» على الدولة المسلمة أن تحمي أماكن عبادتهم وأن لا تتدخل في عقائدهم، أو تجور عليهم في حكم، وأن تسويّهم بالمسلمين في الحقوق والواجبات العامة، وأن تصون كرامتهم وحياتهم ومستقبلهم. وعلى هذه الأسس قامت حضارتنا، وبها رأت الدنيا - لأول مرّة - ديناً ينشئ حضارة; فلا يتعصّب على غيره من الأديان، ولا يطرد غير المؤمنين به من مجال العمل الاجتماعي والمنزلة الاجتماعية. وظلّ هذا التسامح شرعة الحضارة الإسلامية منذ وضع أساسها محمد(صلى الله عليه وآله)، حتى أخذت في الانهيار، فضاعت المبادئ، ونسيت الأوامر، وجهل الناس دينهم; فابتعدوا عن هذا التسامح الديني الكريم. في حياة الرسول: لمّا هاجر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) إلى المدينة وفيها من اليهود عدد كبير، كان من أول ما عمله من شؤون الدولة أن أقام بينه وبينهم ميثاقاً تحترم فيه عقائدهم وتلتزم فيه الدولة بدفع الأذى عنهم، ويكونون مع المسلمين يداً واحدة على من يقصد المدينة بسوء. فطبّق بذلك رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)مبدأ التسامح الديني في البذور الأولى للحضارة الإسلامية. وكان للرسول(صلى الله عليه وآله) جيران من أهل الكتاب، فكان يتعاهدهم ببرّه ويهديهم الهدايا ويتقبل منهم هدايا. ولما جاء وفد نصارى الحبشة أنزلهم رسول اللّه في المسجد وقام بنفسه على ضيافتهم وخدمتهم، وكان مما قاله يومئذ: «إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين; فأحبُّ أن أكرمهم بنفسي». وجاءه مرة وفد «نصارى نجران» فأنزلهم في المسجد وسمح لهم بـإقامة صلاتهم فيه، فكانوا يصلّون في جانب منه، و«رسول اللّه» والمسلمون يصلّون في جانب آخر. ولمّا أرادوا أن يناقشوا «الرسول» في الدفاع عن دينهم، استمع إليهم وجادلهم.. كلّ ذلك برفق وأدب وسماحة خلق([xiv]). قبل «الرسول» من «المقوقس» هدّيته، وقبل منه جارية أرسلها إليه وتسرّى بها «رسول اللّه»(صلى الله عليه وآله) وولدت له «إبراهيم» الذي لم يعمر إلا أشهراً قليلة. ومن وصاياه للمسلمين: «استوصوا بالقبط خيراً; فإنّ لكم فيهم نسباً وصهراً»([xv]). ويقول(صلى الله عليه وآله)«من آذى ذميّا، كنت خصمه يوم القيامة»([xvi]). وعلى هدى «الرسول» الكريم في تسامحه ذي النزعة الإنسانية الرّفيعة، سار خلفاؤه من بعده; فإذا بنا نجد « عمر بن الخطّاب»، حين يدخل «بيت المقدس» فاتحا، يجيب سكّانها المسيحّيين إلى ما اشترطوه: من أن لا يساكنهم فيها يهودي.. وتحين صلاة العصر وهو في داخل كنيسة «القدس» الكبرى، فيأبى أن يُصلى فيها; كي لا يتخذها المسلمون من بعده ذريعة للمطالبة بها واتخاذها مسجداً..! ونجده وقد شكت إليه امرأة مسيحية من سكان «مصر» أن «عمرو بن العاص» قد أدخل دارها في المسجد كرها عنها، فيسأل «عمراً» عن ذلك فيخبره أن المسلمين كثروا وأصبح المسجد يضيق بهم وفي جواره دار هذه المرأة وقد عرض عليها «عمرو» ثمن دارها وبالغ في الثمن فلم ترض; مما اضطر «عمراً» إلى هدم دارها وإدخالها في المسجد ووضع قيمة الدار في «بيت المال» تأخذه متى شاءت.. ومع أن هذا مما تبيحه قوانيننا الحاضرة، وهي حالة يعذر فيها «عمرو» على ما صنع، فإنّ «عمر» لم يرض ذلك، وأمر «عمراً» أن يهدم البناء الجديد من المسجد ويعيد إلى المرأة دارها كما كانت! هذه هي الروح المتسامحة التي سادت المجتمع الذي أظلّته حضارتُنا بمبادئها; فإذا بنا نشهد من ضروب التسامح الديني مالانجد له مثيلاً في تاريخ العصور حتى في العصر الحديث! فمن مظاهر التسامح الديني أن المساجد كانت تجاور الكنائس في ظل حضارتنا الخالدة، وكان رجال الدين في الكنائس يُعطون السلطة التامة على رعاياهم في كل شؤونهم الدينية والكنسية، ولا تتدخّل الدولة في ذلك; بل إن الدولة كانت تتدخّل في حلّ المشاكل الخلافية بين مذاهبهم وتنصف بعضهم من بعض: فقد كان الملكانيون يضطهدون أقباط «مصر» في عهد «الرّوم» ويسلبونهم كنائسهم، حتى إذا فتحت «مصر» ردّ المسلمون إلى الأقباط كنائسهم وأنصفوهم.. وتطاول الأقباط بعد ذلك على الملكانيين; انتقاماً ممّا فعلوه بهم قبل الفتح العربي الإسلامي، فشكوا ذلك إلى «هارون الرشيد» فأمر استرداد الكنائس التي استولى عليها القبط بـ«مصر» وردّها إلى الملكانيين بعد أن راجعه في ذلك بطريك الملكانيين([xvii]). بين عالم الغيب والشّهادة إن الخلاف بين الديانات في معتقدات عالم الغيب لا يمنعهم من التعاون على عالم الشهادة. وأعني بالذّات ما يعتقده أهل كل دين في الآخرين فيما يتعلق بالجنّة أو النار: فالكنيسة المسيحية تعتقد أن الخلاص والغفران ودخول ملكوت اللّه والفوز بالجنّة - لا يحظى به ولن يناله إلا المؤمنون بعقيدة الخلاص والصّلب والفداء، وهذه العقيدة هي مفتاح الجنّة. وترى اليهودية أن اللّه تعالى قد اختار واصطفى شعباً من الشعوب جعلهم محلَّ تكريمه في الدنيا والآخرة. ولذا فإنهم موعودون بالجنّة التي خلقت لهم ومن أجلهم دون سواهم. بينما يرى المسلمون كما يذكر قرآنهم أن للجنّة مفتاحاً واحداً لاثاني له وهو «كلمة التّوحيد»: «لا إلا إلا الله محمّد رسول اللّه»; وبالتالي فلن يشمّ ريحها من لقى اللّه بغير هذه العقيدة. وهذه القضيّة بالذّات بيد قيوم الأرض والسماوات، والخلاف فيها غير عملي.. فإذا كنّا نختلف حول مسألة جنة الآخرة في الحياة الأخروية، فإن الديانات تدعو وتحضّ على التعاون لتحقيق جنّة الحياة الدنيويّة، وذلك بالتآخي، والتآزر، والتعاون على عمارتها، وتنمية مواردها، والاستفادة من ثرواتها، وإقامة العدالة والمساواة بين أهلها، وإغاثة البائس والملهوف من فقرائها، والعمل المشترك على إنهاء الحروب والخلافات والنزاعات والصراعات التي تجلب على البشريّة الدّمار والبوار. إن «الإسلام» ينظر إلى الخلافات العقديّة بين البشر نظرة عقلانيّة موضوعية، ويفرض على المسلمين التعامل معها بعلاقة الدّعوة. (وقولوا للناس حسنا)([xviii]). (ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن إن ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)([xix]). ويذكّرهم «القرآن» دائماً أن الخلاف بين الشرائع والأمم شيء طبيعي خاضع لحكمة اللّه تعالى ومشيئته». (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء اللّه لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)([xx]). وقال تعالى: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلُّهم جميعا أفأنت تكره النّاس حتى يكونوا مؤمنين)([xxi]). والآيات القرآنية الدّالة على مبدأ التّسامح مع الآخرين كثيرة، وهي التي تؤصّل قاعدة أصيلة: (لا إكراه في الدّين)([xxii]).. فالدنيا هي موضوع الآخرة، والأولى عالم شهادة بين أيدينا; والثانية عالم غيب بيد الخالق جل وعلا.. فلنتعاون على ما في يد الخلق; ولندع الخلاف على ما بيد الخالق، وإن كان هذا لا يمنع المؤمن من أن يهدّف موضوع حركة حياته بما يرجوه من ثواب اللّه يوم القيامة بالنيّة والإخلاص والتوجه. وهذه أعمال قلبية لا يطّلع عليها إلا اللّه سبحانه وتعالى. الناسُ أعداءٌ لما جهلوا إن الإنسان الغربي تكوّنت لديه عواطف ومشاعر نحو «الإسلام» والمسلمين بما استمدّه واستقاه من مصادر فكره ومعلوماته، وأهمها: 1- وسائل الإعلام ذات الايديولوجية والتوجّه المعادي للـ«إسلام». 2- الكتب التي ألّفها بعض المستشرقين الحاقدين. 3- الحالة الاجتماعية والسياسية التي تعيشها شعوب العالم الإسلامي. (لا شك أن للإعلام المرئي والمسموع والمقروء تأثيره وتجنيده وتسخيره للعقول والأفكار.. والأمّة الإسلامية خسرت خسارة فادحة في هذا المضمار; فقد سيطرت الصهيونية العالمية على منابعه ومصادره، ولعبت الدّور الأكبر في هذا التضليل والتجهيل الذي يعاني منه الإنسان الغربي نحو «الإسلام». والحقائق والوقائع واضحة وضوح الشمس للقريب والبعيد). الفارق بين «الإسلام» والعلمانيّة في مفهوم الغاية والثمرة إن «الإسلام» يربط بين الدنيا والآخرة; فيجعل الأولى مزرعة للثّانية. فـ «الإسلام» إن صحَّ التعبير، كـ : «طير يحلق بجناحين». جناح يضرب به لتحقيق الاستخلاف في الدنيا; وجناح تعبّدي يحقق به ثواب الآخرة.. بينما العلمانيّة طائرة بجناح واحد، بل جناح مكسور بلا ريش. فـ «الإسلام» يستوعب العلمانيّة; ولكنّ العلمانيّة لا تستوعب «الإسلام».. ومن المغالطات المزرية ما يقوله البعض من أن الدّين والدنيا طريقان منفصلان، والاشتغال بأحدهما خراب للآخر.. فهذا كلام من يهرفُ بما لا يعرف.. قال تعالى: (وابتغ فيما آتاك اللّه الدّار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدُّنيا)([xxiii]). فكما أن الجسد وعاء الروح لا يتحقق وجودها وحياتها إلا به; فكذلك الدّين كأوامر وأحكام وتشريعات لا تطبّق في القمر أو المريخ.. وإذا كنّا نعيب على بعض المتديّنين هذا الفهم السَّقيم، فإننا نرى العلمانيّة، علاوةً على أنها تقطع صلة الإنسان بأي هدف أخروى وترجح كلام الخلق على كلام الخالق والقانون الوضعي على القانون الإلهي، فإنها لم تحقّق له الهدف الدنيوي بتوفير جنة الدنيا. وهاهو الواقع خير شاهد على فشل النظريّتين الماديّتين العلمانيّتين: الاشتراكية، التي قسَّمت الفقر والعوز بين مواطنيها، وخلقت مجتمعات محرومة بائسة بلغ بها الأمر أن الإنسان يأكل لحم أخيه الإنسان (كما حدث في «روسيا») والنظرية الرأسمالية، وما جنى منها المجتمع الغربي إلا مزيداً من الفراغ الروحي والفساد الأسري والتفسخ الاجتماعي. الإسلام والحضارة وبهذا الربط وعلى هذه الشمولية، قامت دولة «الإسلام» وأشرقت شمس حضارتها على العالمين.. وتراثها هو المصدر الأصلى لكثير من العلوم التي اقتبسها الأوربيون وطوّروها. ويؤكد الباحثون أن ثلاثة علوم نشأت نشأة عربية خالصة لا يد لغير العرب فيها، وهي: 1- علم الكيمياء. 2- علم الجبر. 3- علم البصريّات. والتاريخ سجل بمداد من ذهب في صحائف من نور عمالقة العلوم في شتى المجالات.. ومن هؤلاء: 1- عباس ابن فرناس (المتوفى عام 888) والذي ينسب إليه استخدام أول وسيلة للطيران. 2- محمد بن موسى الخوارزمي (توفى عام 846) مخترع علم الجبر، والذي اشتق من اسمه «اللوغاريتموس أي اللوغاريتمات» تحريفاً للإسم الخوارزمي (الخوارزموس أو الخوارزميات). 3- أبو بكر الرازي (864 - 935) والذي ظل كتابه الرئيسي في الطب (المنصوري) مرجع للطلاب قروناً في جامعات أوروبا. 4- الفيلسوف الطبيب ابن سينا (980 - 1037) والذي ظلت موسوعته الطبية «القانون في الطب» تستخدم في المعاهد العليا والجامعات الأوروبية حتى القرن التاسع عشر. 5- الحسن بن الهيثم (965 - 1039) مخترع مايسمى بالحجرة المظلمة في البصريات. 6- العبقري العلم المبرّز في أكثر من مجال، مثلما كان جوته، أبـــو الريحان البيرونــي (973 - 1050) مؤرخ العلوم ورجل السياسة، وعالم السنسكريتية، العلامة في الفلك والمعرفة بالمعادن والصيدلة وغيرها. 7- عمر الخيام (المتوفى بين 1211 و 1131) الشاعر الذي برع في الرياضيات والفلك، ومصلح التقويم الهندي، بصورة أدقّ وأكثر انضباطاً من التقويم الجريجوري الحالي، وذلك منذ عام 1582. 8- الفيلسوف ابن رشد (1126 - 1198) الذي أثرت تعليقاته على أرسطو على تطور الفلسفة في أوربا تأثيراً كبيراً، فضلاً عن ذلك كان هو مكتشف الكلف الشمسي (البقع السوداء في الشمس). 9- الطبيب المصري ابن النفيس (المتوفى عام 1288) مكتشف الدورة الدموية. 10- ابن بطوطة الرحالة (ولد عام 1304 وتوفى عام 1368 أو 1377)، والذي يمكن أن يقارن بالرحالة ماركو باولو، ولقد جاب ابن بطوطة المعمورة حتى تمبكتو وبكين والفولجا. 11- ابن خلدون الأندلسي الأصل (ولد بتونس عام 1332 وتوفى بالقاهرة عام 1406) وكتابه المقدمة عني عن البيان، وكذلك تأريخه للعالم في كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر، والذي يعد بحق مؤسس علم الإجتماع، وكتابه التاريخ على أسس حديث مستنداً إلى المصادر التاريخية ناقداً لها. 12- الملاح المستكشف أحمد بن مجيد، عمدة الملاّحين ومرجعهم فيما يتعلّق بركوب البحار في القرن الخامس عشر. 13- بيري رئيس (1480 - 1553) التركي الجغرافي أمير البحر، والذي وضع خرائط بحرية دقيقة لاتزال موضع الإعجاب، والتي يمكن مشاهدتها في مؤلفه «كتاب البحرية» وكذلك رفيقه. 14- عالم البحار سيدي علي ريس (المتوفى عام 1562)، والذي مسح الشواطئ الآسيوية علمياً والذي أسهم في تطوير الفلك الملاحي. كتابات بعض المستشرقين إن مكتبات الغرب زاخرة بالكتب والأبحاث والمؤلفات التي ألّفها مستشرقون منهم من التزم جادة الحق والتجرد فكتب الحق وسطر الصواب، من هؤلاء: 1- توماس كاديل مؤلف كتاب محمد نبي الإسلام: البطل في صورة رسول. 2- الفيلسوف الإنجليزي / برنارد شو الذي أعلن بعد دراسة مستفيضة واسعة واستقراء كامل لحياة النبي (صلى الله عليه وآله) فأعلن مقولته الشهيرة «إنني أعتقد أن رجلاً كمحمد لو تسلم زمام الحكم في العالم بأجمعه لتمَّ له النجاح في حكمه ولقاده إلى الخير وحلَّ مشاكله على وجه يكفل للعالم السلام والسعادة». 3- شاعر فرنسا وأديبها / لا مرتين مؤلف كتاب «نبي الإسلام». 4- الكونت دي كاستري مؤلف كتاب «محمد المفترى عليه» والإسلام خواطر وسواغ. 5- الشاعر الروسي / تولستوي مؤلف كتاب نبي الإسلام. 6- الكاتب الأمريكي / مايكل هارت صاحب كتاب الخالدون مائة وأعظمهم محمد(صلى الله عليه وآله). وغيرهم وغيرهم من كبار الادباء والمؤرخين. بيد أن مدرسة الإستشراق لم تسلم من ذوي الطوية الحاقدة والنوايا الخبيثة الذين عمدوا إلى تشويه الحقائق ونسبوا للإسلام كل تضليل وأباطيل فلم تكن كتاباتهم مجردة تعتمد المنهج العلمي في تحري الحقائق والتماس الصواب بل كان الهدف من ورائها استعداء الغرب على الإسلام وشحن نفوس المسيحيين كُرهاً وبغضاً للمسلمين ونبي الإسلام. 7- الحالة الإجتماعية والسياسية للأمة العربية والإسلامية لأن الإنسان الغربي لا يفرّق بين الإسلام والمسلمين. فالمسلمون هم المرآة التي تعكس صورة الإسلام. ومن المؤسف أن يعيش الإسلام غربته في ديار المسلمين وفاقد الشيء لا يعطيه. الحضارة في مفهومها الحقيقي والإنساني إن التقدم التقني والتحضر المدني لا يكون حضارة إذا لم يرتق بمكانة الإنسان ويرفع مرتبته إلى حيث يريد له خالقه من السمو والرفعة والرقي والتكريم على سائر المخلوقات فلا تستعبده شهواته ولا تتحكم فيه أهواؤه ونزواته. إن الحضارة الحقيقة هي التي تُعني بالجانب الروحي والمادي على السواء. فالمدنية التي تتفنن في إحداث وسائل الأغواء والإغراء ليقدم الإنسان روحه قرباناً على مذابح الملذات والشهوات ليست من الحضارة في شيء. والمدنية التي تعمل على التفسخ الأسري والإنحلال الأخلاقي ليست من الحضارة في شيء. والمدنية التي تعتدي على قانون الفطرة القائم على قانون الزواج (ومن كل شيء خلقنا زوجين)([xxiv]). فأنتجت لنا نوعاً ثالثاً عُرف بالجنس الثالث ليست من الحضارة في شيء. لأن اللّه تعالى بدأ إيجاد الإنسانية من ذكر هو آدم وأنثى هي حواء فالنظام الفطري الطبيعي للإنسانية: (Adam and Eve not Adam and Steve). المدنية التي نكبت البشرية بالموت العابر للقارات (الآيدز) والذي أضحى خطره يهدد 100 مليون إنسان في العام القادم ليست من الحضارة في شيء. المدنية التي تسعى للتسابق على تصنيع أسلحة الدمار الشامل الذي يهدد الوجود الإنساني وتُهلك الحرث والنسل ليست من الحضارة في شيء. حضارة الإسلام ومدنية الغرب إن التاريخ خير شاهد على عدالة الحضارة الإسلامية وإنسانيتها في السلم والحرب، فقد خاض الإسلام حروباً جهادية للدفاع عن العقيدة التي بدأت من السنة الثالثة للهجرة ودامت إلى السنة التاسعة فكان عدد المقتولين من الفريقين (المسلم وغير المسلم) في جميع الغزوات والسرايا (1018 قتيلاً، ألفا وثماني عشرة نفساً 259 من المسلمين و759 من غير المسلمين). بينما تؤكد الإحصائيات والوثائق وكما ذكر مستر مكستون (Maxton) عضو البرلمان الإنجليزي أن عدد المصابين في الحرب الثانية الكبرى عام 1939 لا يقل عددهم عن خمسين مليوناً وقدر مجموع نفقات تلك الحرب بـ«37» مليون جنيه استرليني. أما المصابون في حرب 1914 - 1918 فبلغ عددهم على الأصح واحداً وعشرين مليون منهم سبعة ملايين قتيل. إنّما طائركم معكم: إن المصنوعات الجمادية لاذنب عليها، فإنها خاضعة لإرادة الإنسان وعقليته وأخلاقه، فهي في ذات نفسها ليست خيراً ولا شراً، ولكن الإنسان هو الذي يجعلها باستعماله لها خيراً أو شراً، وكثيراً ما تكون خيراً في نفسها، فيحولها الإنسان شراً بسوء استعماله وخبث سريرته، وفساد تربيته، فليس الشأن في هذه الآلات والمخترعات، إنّما الشأن فيمن يستغلها وفي الغرض الذي يستعملها له. وحقيق أن يقال - لمن أصبح يتطيّر في أوروبا من هذه الآلات، ومن الطيارات التي تقذف القنابل، وتدمر المنازل، وتنسف القرى والمدن، والغواصات التي تغرق بواخر الركاب المسالمين والتجار الآمنين، واللاسلكية التي تُذيع الكذب والزور، وتنشر الخلاعة والمجون ويشكو منها، ويوجه إليها الملام: (إنّما طائركم معكم)، فإن العلوم الطبيعية تسخر للإنسان القوة المادية، وليس من شأنها أن تعلمه أيضاً كيف يستعملها وفيم يضعها، كالكبريت يعطيك ناراً، ولك أن تحرق بها بيتاً على سكانه أو تطبخ طعاماً أو تستدفئ بالنار، والذي يعلم كيف يستعمل الإنسان القوة وفيم يضعها هو الدين، فالدين يرشد الإنسان كيف ينتفع بقوته انتفاعاً حقيقاً، وكيف يشكر نعمة اللّه، ويحظر على الإنسان أن يكون بقوته التي خولها اللّه إياها معيناً على الظلم والجريمة والإثم والعدوان. كما قال موسى(عليه السلام): (رب بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين)([xxv]) وقال سليمان (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر، ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فإن ربي غنيّ كريم)([xxvi]). سمّوك يا عصر الظلام سفاهة *** عصر الضياء وأنت شر الأعصر وتقدّمت فيك الحضارة حسبما *** قالوا فيا وحشيّة المتحضّر وتنوّرت فيك العقول وإنّما *** يقع الخرابُ بزلّة المتنوّر والعلم قد يأتي بكل بليّة *** ويسير نحو الموت بالمستبصر ما الذي يمكن أن يقدمه الإسلام للمجتمعات الغربية اعتماداً على ما ذُكر يتضح جلياً أن المجتمعات الغربية تملك مدنية تقنية علمية ولكنها من المحال أن تتحول إلى حضارة نافعة مفيدة يسجلها التاريخ بين صفحاته إلا إذا عولج ما يعتريها من خلل أخلاقي وفراغ روحي وخواء ديني. وهذا مايملكه الإسلام متمثلاً في كنوز روحية فكرية أخلاقية كوارث للشرائع السماوية السابقة. وملائمتها لكل زمان ومكان. في دستور شامل كامل متصف بالدوام والإستمرار. وهو وحده القادر على ملأ هذا الفراغ وسد هذا النقص لأن الإنسان صنع اللّه ولا يصلح حال العباد إلا منهج رب العباد. ولأنه يملك من البادئ والتعاليم والقيم التي يدور فلكها وتوجه أهدافها وغاياتها للمحافظة على الكليات الخمس: 1- الدين. 2- النفس. 3- العرض. 4- المال. 5- العقل. أهمية العالم العربي والإسلامي إن العالم العربي له أهمية كبيرة في خريطة العالم السياسية، وذلك لأنه وطن أمم لعبت أكبر دور في التاريخ الإنساني، ولأنه يحتضن منابع الثروة والقوة الكبرى: الذهب الأسود الذي هو دم الجسم الصناعي والحربي اليوم، ولأنه صلة بين أوروبا وأمريكا، وبين الشرق الأقصى، ولأنه قلب العالم الإسلامي النابض يتجه إليه روحياً ودينياً ويدين بحبه وولائه، ولأنه عرضة لأن يكون ميدان الحرب الثالثة لاقدر اللّه، ولأن فيه الأيدي العاملة والعقول المفكرة والأجسام المقاتلة والأسواق التجارية والأراضي الزراعية، ولأن فيه مصر ذات النيل السعيد بنتاجها ومحصولها وخصبها وثروتها وريفها ومدنيتها، وفيه سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، باعتدال مناخها وجمال إقليمها وأهميتها الإستراتيجية، وبلاد الرافدين بشكيمة أهلها ومنابع البترول فيها، والجزيرة العربية بمركزها الروحي وسلطانها الديني وما تشهده كل عام من مؤتمر سنوي عالمي لا مثيل له في العالم. ودول النمور الآسيوية وما تحرزه من تقدم علمي وصناعي، وبلاد شبه القارة الهندية وما تملكه من عنصر بشري وموقع جغرافي. حاجة العالم الغربي للعالم الإسلامي إن حاجة العالم الغربي إلى هذه الطاقات والإمكانات أشد وأحوج من حاجة العالم الإسلامي إلى مافي يد الغرب من صناعات وتقنيات. وأستشهد ما ذكرته المجلات الألمانية، نقلاً عن مجلة «الوعي»: . Erdol Erdas Kohle -1 . Ocl A.as Journal -2 . SHELL Daten + Fackten -3 حسب ماورد في المجلات المذكورة أعلاه فإن كمية البترول الإحتياطية في العالم المؤكدة والمكتشفة حتى 1/1/1992 هي 136 مليار طن موجود منها في الدول العربية + إيران 95 مليار طن موزّعة على الشكل التالي: - السعودية 30/36 مليار طن. - العراق 40/13 مليار طن . - الكويت 00/13 مليار طن. - الإمارات 89/12 مليار طن . - إيران 70/12 مليار طن . - ليبيا 3 مليار طن. - الجزائر 18/1 مليار طن. - مصر، سوريا، اليمن، عمان 531/2. - المجموع العام 95 مليار طن. وهذا يعادل 70% من الإحتياطي العالمي علماً أن لدى ما كان يعرف بالإتحاد السوفياتي 9/7 مليار والولايات المتحدة 4/3 مليار طن فقط. من إحدى محاضرات بروفسور رول عام 1961 في برلين قال: «إن دولة الكويت تبلغ مساحتها بقدر مساحة مدينة برلين أما الإحتياطي البترولي لديها فهو أكثر من الإحتياطي السوفياتي زائداً الإحتياطي الأمريكي) وهذا ثابت حتى الآن 9،7 روسيا+ 4،3 أميركا= 3،11 مليار طن (الكويت تملك 13 مليار طن). إليك جدول يبين إنتاج واستهلاك معظم دول العالم ويبين من هم الدول المصدرة والدول المستهلكة (المستوردة) للنفط. اسم الدولة الإنتاج السنوي الاستهلاك فائضة بحاجة مليون طن المحلي م.ط للتصدير للاستيراد الدولة العربية + ايران 1120 163 949 - الولايات المتحدة الأميركية 435 878 - 443 أوروبا الغربية 224 580 - 356 شرق آسيا واليابان 230 435 - 205 العالم كله 3351 3064 287([xxvii]) إذا تأملنا هذا الجدول تبين لنا التالي: 1- الدول العربية وحدها هي التي تموّل أميركا وأوروبا واليابان (الدول الصناعية). 2- أمريكا دولة مستوردة للنفط رغم إنتاجها الضخم. 3- إنتاج العالم أعلى من الإستهلاك ويوجد فائض 287 مليون طن، نحن نعرف وعلماء الإقتصاد تقول (كل سلعة يحدد سعرها أو توازن سعرها حسب العرض والطلب)، إذا زاد العرض انخفض السعر وإذا نزل الإنتاج ارتفع السعر وهذا شيء بديهي وأكيد، وإليك المثل التالي: عندما حدثت حرب الخليج إنخفض الإنتاج العالمي بسبب توقف الكويت والعراق عن الإنتاج، فوراً ارتفع سعر البرميل إلى 48$ وبقي عدة أيام حتى صدر تصريح عن السعودية أكبر دولة بترولية بأنها سترفع إنتاجها من 8،3 مليون برميل في اليوم وهي حصتها من قبل الأوبك إلى 10 مليون برميل يومياً، وعلى الفور نزل السعر إلى 16$ وبالفعل تنتج السعودية الآن 7،8 ملوين برميل يوميا!!! والآن ننتج البترول ونعطيه للدول الصناعية بسعر التكلفة تقريباً علماً أن سعر تكلفة البرميل الواحد في بحر الشمال هو 6،23 وسعر برميل المياه المعدنية وبرميل البيبسي كولا (ماء + سكر) يتراوح بين 90 إلى 200 دولاراً. وبعد إجراء عمليات حسابية أفاد التقرير أن الدول الأوربية تجني أرباحاً ويدخل في خزائنها من ربح شركات البترول التي تتاجر في البترول العربي على النحو التالي: أ - يبلغ ربح ألمانيا 106 و 848 مليار دولار سنوياً. ب - يبلغ ربح إيطاليا 150 مليار دولار سنوياً. ج - يبلغ ربح فرنسا 113 مليار دولار سنوياً. ذلك أنهم يشترون البرميل بـ«16» دولار ويبيعونه في الأسواق الإستهلاكية بـ«160» دولار. وكما ذكرنا آنفاً فإن سعر برميل الكولا (ماء + سكر) يتراوح مابين 90 إلى 200 دولار. مقترحات عملية للتقارب والتفاهم 1- إن تصحيح صورة الإسلام المشوهة لدى الإنسان الغربي تقع أول ما تقع على عاتق الأقليات الإسلامية المهاجرة. فجّل المهاجرين إلى البلاد الغربية لم تكن هجرتهم للّه ورسوله بمعنى أن يعتبر المهاجر نفسه سفيراً لإسلامه ممثلاً لرسوله، يقدم الإسلام المشاهد الملموس متمثلاً في سلوكه وتعامله وأمانته ونظامه وأخلاقه. 2- وثاني هذه المسؤوليات تتحملها الهيئات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي وفي مقدمتها الأزهر الشريف في مصر بعلمائه ودعاته ومنهجه الوسطي المعتدل. وماله من مكانة مرموقة واحترام لدى شعوب العالم أجمع مسلمهم وغير مسلمهم. ونناشد الحكومة المصرية وسائر الحكومات العربية والإسلامية أن تدعم الأزهر للنهوض بتبعات مهمته لتوفر الإمكانات الدعوية العصرية. ليكون للمراكز الإسلامية ودعاة الأزهر حضور وتفاعل وسط المجتمعات الغربية والإستفادة من شتى الوسائل المعاصرة التي جعلت من العالم قرية صغيرة محدودة. وكذلك رابطة العالم الإسلامي والرئاسة العامة للبحوث والإفتاء والدعوة بالمملكة السعودية بالتعاون مع الأزهر الشريف وكافة الهيئات الإسلامية العالمية بالعمل على إعداد الداعية المعاصر الذي يتقن اللغات الأجنبية إعداداً خاصاً وتزويده بالكتب والأبحاث العلمية التي تعينه على التعامل مع قضايا عصره ومجابهة حملات التشويه الإعلامي ومخاطبة العقل الغربي بروح علمية دعوية منفتحة. 3- إنشاء لجنة علمية من العلماء والباحثين والمفكرين تعني بتصحيح الاغلوطات والمزاعم التي ملئت بها كتب الإستشراق في مكاتب الغرب. وتزويد المكتبات العامة في الدول الغربية بمثل هذه الكتب بمختلف اللغات. 4- تكوين مجلس دائم يعمل على دوام ومواصلة الحوار بين رجالات الدين الإسلامي والمسيحي لمناقشة كافة القضايا الحياتية العامة والمعاصرة ليكون للدين حضور في حياة الناس. وإصدار نشرات وأبحاث مشتركة تبرز الموقف الديني من هذه القضايا لتتفاعل الشعوب مع المواقف الإيجابية والحلول العملية المؤيدة بموقف وفقه الدين. فالحوار يُلقح الأفكار، ويعين على البناء والإعمار ويصحح المفاهيم لدى الكبار والصغار ويوطد أواصر المحبة وحسن الجوار. والسلام العالمي رهن بالسلام الديني. 5- مطالبة الحكومات الغربية باستحداث قوانين للرقابة على المؤلفات التي تسيء إلى الرسل والأنبياء وتنال منهم بالجرح والطعن والإمتهان، وما يسببه ذلك من إساءة واستعداء لمشاعر المؤمنين، وبذا نغلق باباً من أخطر الأبواب التي يلج منها الخلاف والعداء. فان حرية الفكر المطلقة التي تتيح الفرصة وتفسح المجال للكتاب الحاقدين للنيل من قداسة الانبياء بأسلوب عار من الالتزام الادبي والحوار الفكري، الامر الذي يثير المشاعر والعواطف. فيعبر الساخطون عن شجبهم واستنكارهم لهذه المهانات بطريقة قد لا تتفق مع العقل الغربي فتتوتر العلاقات، وتنشب نيران العداوة والخلافات. 6- أن تهدِّف الدول العربية والاسلامية العمل السياحي في بلادها. فتجعل للدعوة نصيباً في برامجها وذلك بـإعطاء دورات دعوية تثقيفية للمرشدين والقائمين على المناشط السياحية. بالإضافة إلى إعداد كتيبات مبسطة بعدة لغات تحتوي على الفكر الإسلامي الصحيح فالسائح ضيف في بلادنا ومن واجبات إكرامه أن يرجع إلى بلاده وهو يحمل في طياته وسريرته انطباعاً حسناً عن قيم وتعاليم الإسلام، والذي بدوره سينشره بين أهله وذويه. 7- مناشدة وسائل الإعلام الغربية بالعمل على تعميق المفاهيم الراقية والفكر المتسامح اعتماداً على الخطاب التاريخي الذي ألقاه ولي العهد البريطاني الأمير (تشارلز) حول الإسلام والغرب في مسرح شيلدونيان (أكسفورد) بمناسبة زيارته مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية في 27/10/1993 . 8- الإقتراح السابع وهو بيت القصيد، أن تعمل الدول الإسلامية على إنارة نفوسها لتنير غيرها وأن نعيد قيم الإسلام إلى حركة حياتنا لنقدمه لغيرنا. فالبلاد الإسلامية يسودها من مظاهر خلقية وسياسية واجتماعية مالا يقره الإسلام، ولا تتقبلها الأمم الراقية ففاقد الشيء لا يعطيه. والعالم الإسلامي يحتل مكاناً جغرافياً وسطاً بين الشرق والغرب. وذلك يساعده كثيراً على تقريب وجهات النظر بين الحضارات بعضها مع بعض. ومن الأرض العربية انطلقت رسالات السماء رسالة إبراهيم، وموسى، وعيسى ومحمد صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين إلى مشارق الأرض ومغاربها. تنير العقول . -------------------------------------------------------------------------------- [i]- الشورى / 13 . [ii]- المسيحية والديانات العالمية مجلد 1 + نحو حوار مقبل بين المسلمين والمسيحيين في دورية الجامعة شتوتجارت سنة 1984 - ص 1351 الإسلام كبديل د / مراد هوفمان سفير ألمانيا بالرباط ص 63 . [iii]- الشورى / 13 . [iv]- البقرة / 136 . [v]- البقرة / 256. [vi]- يونس / 99. [vii]- الحج / 40 . [viii]- المائدة / 2 . [ix]- البقرة / 113 . [x]- الحجرات / 13 . [xi]- المائدة / 5 . [xii]- العنكبوت / 46 . [xiii]- الأنعام / 108 . [xiv]- دلائل النبوة للبيهقي، سيرة ابن هشام، طبقات بن سعد، فتوح البلدان، البداية والنهاية، نهاية الأدب. [xv]- رواه مسلم والبيهقي والطبراني والسيوطي. [xvi]- «رواه الخطيب بـإسناد حسن، ومثله ما رواه الطبراني بـإسناد حسن «من آذى ذمياً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه». [xvii]- تحقيق المستر E.H. Tawensend الذي أعلن أن عدد المصابين في الحرب الكبرى لا يقل عن 886،513،37 والمقتولون 515،543، 8. [xviii]- البقرة / 83 . [xix]- النحل / 125 . [xx]- المائدة / 48 . [xxi]- يونس / 99 . [xxii]- البقرة / 256 . [xxiii]- القصص / 77 . [xxiv]- الذاريات / 49 . [xxv]- القصص / 17 . [xxvi]- النمل / 40 . [xxvii]- هذه الكمية (287) زائدة عن حاجة العالم، وهذه الزيادة هي السبب الرئيس والأساس لهبوط أسعار النفط العالمية وجعلها بخسة.