وإنّي جئت من بلد الصين ذات الحضارة التاريخية العريقة والكثافة السكانية الكبيرة، والإسلام في الصين له تاريخ منذ 14 قرن ونصف، وبعد تطور وتنمية الحياة الاجتماعية في الصين وصل عدد المسلمين الآن إلى 20 مليون (5ر1 في المائة من سكان الصين) وعدد المساجد فيه يصل إلى 35 ألف مسجد، ولكن بسبب قلة إتصالنا مع الدول الإسلامية، وعدم وجود معرفة تامة للعالم الخارجي لدينا، دائما ما ألاقي أسئلة كهذه من إخواننا المسلمين في الخارج: الإسلام دخل إلى الصين منذ أكثر من ألف سنة، فما هو السبب الرئيسي وراء بقاء الإسلام في دولة كبيرة كالصين ذات الحضارة المؤثرة والمتطورة، وفي وقت نفسه يحصل تطور إلى حد ما؟ هنا أحب أن أعرف ببعض الأحوال المتعلقة بهذا الموضوع للحاضرين. وأعتقد بأن بقاء وتطور الإسلام في الصين يرجع إلى العوامل الثلاثة التالية: أولا: ترجع إلى إلهية الإسلام، ان الإسلام دين اللّه وهو نور اللّه، أينما نولي فثم نور اللّه كما قال اللّه تعالى: (يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم واللّه متم نوره ولو كره الكافرون)([283]). ان الدين الإسلامي دين الفطرة. أتى للانسانية بالايمان العالي والانظمة الأخلاقية والسلوك الحياتية الحميدة والانظمة الاجتماعية، وبمبادئه التعبدية في الخضوع لأوامر اللّه والنظافة والطهارة وبنظريته الحياتية في طلب سعادة الدارين وحب الوطن والتشاور بين الناس والطاعة لأولي الأمر والتسامح والاوسطية، وحب الناس كما أتى في نظريته إلى المعرفة المتوسمة في تشجيع العلم والنظر إلى الكون لتسخير ما خلق اللّه للإنسان وكل هذه